ما بعد “خريف الغضب” يتجه محمد حسنين هيكل إلى خريف الشيخوخة فيفصل ويحلل ويجلجل ويقلقل ويبلبل ويزلزل ويكلل حياته الصحفية بتصريحات أشبه بالفقاعات، أقرب إلى الزبد لأن الرجل لامس حد التخريف والتجديف والتحريف والإسفاف والاستخفاف عندما تحدث إلى القناة الفضائية المصرية (سي.بي.سي) مكلفاً نفسه عناء تاريخ طويل هو لا يستطيع حمله ولا يمكنه تفويض نفسه نيابة عن بيان الجغرافيا وتبيين التاريخ.. هيكل صرح للقناة المذكورة عن احتلال إيران لجزرنا الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى بأنه «لا يمكن أن أقول لإيران أخرجي من الخليج كله، فهذا غير ممكن إذا كان في البحرين نسبة الشيعة 70% ومع ذلك حكمها سُني وقبلنا بهذا لأنه لابد بشكل أو بآخر أن تكون هناك معادلة توازن مع سكان الجوار». لا يا سيد هيكل، لقد فهمت التوازنات السياسية بمنطق قبائل عبس وذبيان، حينما كانت القبائل التوازنات تتقاسم، الموارد والضرع والزرع، فيما سبقهما لمنع الحروب والغزوات، فالمعادلة التي تتحدث عنها في الخليج العربي لا تنطبق على احتلال دولة لأراضي الغير، ولا علاقة لمملكة البحرين بموضوع جزرنا المحتلة.. فأولاً البحرين، دولة ذات سيادة وموجودة في الخليج العربي قبل أن يولد الشاه الذي احتلها وقبل أن تقوم الثورة الإيرانية التي كرست الاحتلال وقبل أن يعرف هيكل النطق بالألف والياء، بل إن البحرين بتاريخ ديلمون الأسبق لها جذورها التاريخية والجغرافية وعلاقاتها التجارية مع الشرق والغرب، ثانياً جزرنا المحتلة، فتاريخ احتلالها لم تمر عليه أكثر من أربعة عقود أي في العام 1971، بمعنى أن العقود الأربعة لن تمسح من التاريخ الجذور الجغرافية ولن تلغي علاقة الإنسان الإماراتي بالأرض، التي نطقت بالضاد والإرث الثقافي الذي لم يزل معبقاً برائحة التقاليد والعادات الإماراتية. أما عن كلام السيد هيكل عن نسبة الـ70% من الشيعة في البحرين، وأحقية التبعية لإيران كونها دولة شيعية، فهذه مغالطة ترقى إلى الخطيئة التاريخية، فلو سلمنا بما ذهب إلى هيكل فمعنى ذلك أن أجزاء كبيرة من الوطن العربي يجب أن تعود لإيران مثل العراق ولبنان وسوريا. يا سيدي الفاضل، الطائفة الشيعية تعيش في هذه البلدان منذ أمد بعيد، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني، ولا علاقة لطائفة شيعية كانت أو مسيحية أو درزية أو شركسية أو بابلية أو آشورية، أو سودية والأسماء والأوصاف تتعدد في الوطن العربي، ولو وضعنا الخارطة العربية حسب «معادلة التوازن الهيكلية» لقمنا بتطبيق سايكس بيكو طائفي على غرار التقسيم الجغرافي المشؤوم.. وأعتقد أن هيكل أراد بهذه التصريحات تماشياً ما يحدث من نعرات بغيضة الهدف منها إضعاف وتشتيت المشتت وتفتيت المفتت، والعياذ بالله من مفاهيم تقرأ الأحداث من فناجين مقلوبة، وتحلل حسبما تفرضه الظروف ويبدو أن هيكل خرج من التحليل المنطقي إلى التضليل الهرطقي. Uae88999@gmail.com