يعتبر يوم السبت المقبل، أحد الأيام التاريخية في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ففيه ستتحرر أسعار الوقود من الدعم الذي استمر لعقود طويلة، ولا تكمن أهمية هذه المرحلة في مجرد تقوية الاقتصاد الوطني، ودعم التصنيفات الدولية للدولة، وتعزيز أوجه الإنفاق، بل الأهم من كل ذلك حسب اعتقادي، هو أنها خطوة استراتيجية واستباقية، للمراحل القادمة في اقتصاد الدولة، أو ما يمكن أن نسميه مرحلة ما بعد النفط. نعم فعلى الرغم من تخوفات شريحة من المستهلكين من تحرير أسعار الوقود، فمن المهم أن ندرك مدى أهمية القرارات الاستراتيجية التي تتخذها الدولة، فبناء اقتصاد متكامل ومتنوع، يستدعي اتخاذ الكثير من القرارات، ومنها التوقف عن دعم أسعار الوقود، وفي ظل مستويات الدخل الجيدة التي وفرتها الدولة للأفراد، فإن الفروق التي ستحدث نتيجة لعملية التحرير ليست بالعبء الحقيقي والكبير، فبالنسبة إلى بنزين السيارات ستكون الزيادة بواقع 42 فلساً، أما بالنسبة إلى الديزل وهو السلعة الأهم في التأثير على الاقتصاد وعمليات النقل والشحن وأسعار السلع، فسينخفض سعره بواقع 85 فلساً، وهو أسلوب فريد لتقليل أي تأثيرات على معدلات التضخم وأسعار السلع نتيجة للتحرير. أعتقد أننا في هذه المرحلة يجب ألا ننظر كثيراً إلى التأثيرات قصيرة الأمد، بل نحتاج إلى نظرة أشمل وأبعد، تنظر إلى تعزيز قدرات الاقتصاد الإماراتي على التعامل مع المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي بتحدياته المختلفة، ولعلنا نحتاج اليوم دوراً كبيراً من جهات معينة أبرزها وزارة الاقتصاد وإدارة حماية المستهلك، للرقابة على أسواق السلع ومنع التجار من محاولة استغلال هذا القرار لتوسيع هامش أرباحهم، فلا أسباب منطقية لزيادة أسعار السلع، في ظل تخفيض سعر الديزل. نحتاج أيضاً إلى تعزيز التجارب الناجحة في بعض القطاعات مثل سيارات الأجرة، حيث إن تجربة تشغيلها بالغاز الطبيعي أظهرت نجاحاً جيداً، وبالتالي فمن المهم التوجه إلى تعميمها على مستوى الدولة للحد من أي زيادة متوقعة في أسعار التعرفة. الدولة لم تتوقف يوماً عن القرارات الداعمة للمواطنين والمقيمين، حتى أصبح العالم أجمع ينظر إلى شعب الإمارات بالكثير من الغبطة، واليوم نحن جميعاً يد واحدة على طريق بناء اقتصاد قوي ومتين لإماراتنا الغالية.