تنير عاصمتنا الحبيبة أبوظبي أضواء حشد من علماء الدين ومفكري الأمة الإسلامية الذين تنادوا من الأصقاع كافة للمشاركة في منتدى «تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية» الذي تختتم أعماله اليوم. حشد من العلماء والمفكرين قال عنهم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، راعي المنتدى إنهم «من أولي العلم والفضل، ممن يُؤتى إليهم ولا يأتي»، قدموا لأجل غاية نبيلة جليلة في لحظة مفصلية من تاريخ الأمة، التقطتها الإمارات بحرص ونبل وقلق، لتعيد لدين الحق بهاءه ورونقه، ورفعته وعظمته، بعد أن قام نفر من المحسوبين على هذه الأمة بسلب واحد من أهم قيم الإسلام، وجوهر الرسالة العظيمة لمحمد بن عبدالله، خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام، وهي قيمة السلم، والسلام الذي هو من أسماء الخالق جل وعلا، رافع السماوات وباسط الأرض. يومان من البحث والتفكر والتدبر، يتطلع أبناء أمة أنهكتها الحروب والمتاهات، إلى نور في نهاية نفق حملتهم إليه فئة محسوبة عليهم، ألحقت بتصرفاتها أبشع الإساءات بدين سمح نير، يدعو إلى التقدم والتطور والأمن والأمان والرخاء والازدهار، فتسببوا بأعمالهم الرعناء وتعطشهم للدماء، وجنوحهم للغلو والتطرف، في دمغه بصورة تخالف الرسالة السامية التي جاء بها، وظهر للعالم في العقدين الأخيرين كما لو أنه دين للقتل والترويع، والهدم والتدمير. ومن هنا كانت غاية المنتدى في البحث عن السلم الذي قال فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس المنتدى ورئيس لجنته العلمية، إن «البحث عن السلم حق، بل هو أحق في كثير من الأحوال من الحقوق الحقيقية أو المزعومة». ولعل في مقدمة «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، التصدي لفوضى الفتاوى، واستباحة وهدر دم الإنسان، وتزيين ممارسات النسف والتدمير، والدعوات إلى جهاد مزعوم تحركه الأهواء والمصالح، والخروج على ولي الأمر، وتشويه قيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما يجري اليوم من قبل جماعات تستغل الدين القيّم باستباحة المنابر والمنصات، وأثير الفضاءات. هذا التجرؤ الرهيب وواسع النطاق على الإفتاء من غير علم أو إدراك، في مقدمة أسباب ما وجدنا أنفسنا فيه اليوم من أحوال متردية للأمة، بل وغذى أعمالاً إرهابية أسهمت في أن تتدخل قوى كبرى في بلداننا الإسلامية. إن الإمارات التي كانت سباقة دوماً في استشراف الحاجة الملحة للسلام والأمن والأمان في عالمنا الإسلامي، والمعمورة قاطبة، كانت لها في هذا الشأن مبادراتها الطيبة، طيبة وأصالة النهج الذي قامت عليه لتكريس قيم السلام والعدل. وقد كانت لها تجربة ناجعة في هذا الصدد تمثلت في استضافتها المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف «هداية» عام 2012 تجسيداً لرؤيتها الواسعة في محاربة الإرهاب، والتصدي له ولتوابعه وأبعاده المختلفة. وها هي اليوم تحتضن هذه المبادرة الجليلة لتؤسس لمرجعية لخدمة الإسلام والمسلمين، وتنقية دين الحق مما لحق به من ضرر فادح على يد جماعات خرجت عن خطه القويم، وجعلته مطية لأفكارها وتوجهاتها المريضة. إنها رسالة مضيئة من بقعة مضيئة، وتجربة مضيئة تقدمها الإمارات للعالم قاطبة لوقف الحروب العبثية، وإنهاء «لعبة الدمار والفناء» ودعاوى الاحتراب، نحو عالم تضيئه سماحة وسلام الإسلام. ali.alamodi@admedia.ae