مضى تاريخ الثامن من مارس لهذا الشهر، التاريخ الذي اختير ليحمل اسم اليوم العالمي للمرأة كتاريخ رمزي ذي دلالة كبيرة وعميقة جداً، مضى ولكل ما طالعني فيه حول المرأة كان مخيفاً، أعداد النساء اللواتي رحن ضحايا الاقتتال في سوريا، المعتقلات، اللواتي تعرضن للتعذيب والاغتصاب، اللواتي يقعن تحت تهديد الجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط، اللواتي يقعن ضحايا تجارة البشر والرقيق الأبيض، الفقيرات، واللواتي لا زلن يقمن في الجهل وظلام الأمية، والفتيات اللواتي رحن ضحايا جرائم الشرف، أو أصبحن من سكان الشوارع المعرضات لكل أنواع الاستغلال البشع، هذه الأخبار كانت تملأ الصحف والتقارير وخلاصات كتب منظمات المرأة للأسف الشديد، فأي احتفال وأي يوم ! تعود جذور الاحتفال بهذا اليوم كما يقول التاريخ إلى القرن الـ19، على خلفية «التصنيع السريع» الذي شهدته أميركا وأوروبا، حيث نمت حركات عمالية ونقابية جماهيرية ردًّاً على تزايد استغلال العمال، ولم يكن هدف هذه الحركات تحسين ظروف العمل فحسب، بل تحويل العمال والعاملات إلى قوة سياسية؛ لذلك كان التركيز في مطالباتها على «حق الاقتراع للطبقة العاملة». كان للمظاهرات دور مهم في طرح «مشكلة المرأة العاملة» على جدول الأعمال اليومية، فالمظاهرة الأولى للعاملات كانت في عام 1857 بنيويورك، حيث خرجت عاملات النسيج احتجاجاً على ظروف عملهن وبعد 50 عاماً من المظاهرات خرج في 8 مارس 1908 ما يقارب 15 ألف عاملة بمسيرة في نيويورك، تطالب بخفض ساعات العمل ورفع المعاش، ووقف تشغيل الأطفال، وحق الاقتراع. وكان شعار المظاهرات «خبز وورود» . إن أول يوم (وطني) للمرأة تم الاحتفال به في 23-2-1909، وفي 1910 سافر وفد نسائي أميركي للمؤتمر الثاني للنساء الديمقراطيات في كوبنهاجن، حيث اقترح تكريس يوم المرأة العالمي، وكان الجو مهيأ لإعلان «يوم المرأة العالمي» بعد نجاح يوم المرأة في الولايات المتحدة. لكن الاحتفال بيوم المرأة العالمي في 8 مارس تم في 1913، وبقي هذا التاريخ رمزاً لـ«نضال المرأة» بحسب المتبنين لهذا اليوم. المهم اليوم أنه وبعد هذا التاريخ بعقود طويلة لا تزال المرأة تعاني في معظم أقطارنا العربية من الأزمات والمشاكل نفسها فيما يتعلق بالبطالة وساعات العمل وقوانين الأحوال الشخصية والحضانة وإجازة الأمومة والأوضاع المعيشية عوضاً عن المشاركة السياسية والأمية والاستغلال البشع ...... الخ . إذن فلماذا الإصرار في عالمنا العربي على هذا الخطاب المتناقض فيما يخص حقوق المرأة، بينما أوضاعها لا تزال تراوح مكانها إن لم تكن قد تأخرت خطوات على طريقة خطوة للأمام خطوتين للخلف ؟ الملاحظ في إنجازات المرأة على صعيد حقوقها العملية والاجتماعية والسياسية أنها آخذة في التضاؤل والذهاب نحو الخطابية والمزايدة، أكثر منه تكريس عملي حقيقي وواقعي لحقوقها، وهذا لا يقود إلى حركة حقوقية عادلة وثابتة، أن الحقوق التي توهب في ظل المزايدات والمراهنات والبرامج الانتخابية سرعان ما تسقط وتنسى كوعود جوفاء، إن المنطلق الصحيح يأتي مرفوعاً على قوة المطالب ومنطقيتها، ويأتي من قوة الحجة لدى المطالبين، ويأتي من الإصرار عليها. وأولا قبل كل شيء يأتي من الوعي بها والتمسك بها ورفع سقفها أكثر من ذي قبل ليتحول الأمر من مجرد موضة إلى حق ومن مجرد ظاهرة إلى إنجار. هذا ما لم نحفل بالاعتناء به في عالمنا العربي المنشغل بمظاهره أكثر من مضمونه في أغلب أموره رغم ثورات التصحيح والمطالبة بالحقوق التي قيل فيها الكثير. ayya-222@hotmail.com