عندما أوصلني إلى البيت وشدّ على يدي وتمنى لي ليلة سعيدة بقيت واقفة أنظر إليه يبتلعه الشارع.. مخلفاً لا شيء في أعماقي! دخلت غرفتي.. كانت غارقة في عتمة المساء وبصيص النور المتسلل من الشارع، أزحت ستارة النافذة قليلا.. تسمرت قدماي واتجه بصري يسبح في ضوء الكشافة القوي. قلت: برج المراقبة ما زال يعمل! رأيت وقفتي، كانت قدماي متصلبتين متباعدتين إحدى يداي تلف خصري، والأخرى فوق رأسي ثم تحركتا وبدأتا تنزعان ملابسي.. لذعتني نسائم متسربة فسارعت إلى الفراش وغلفتني الأغطية وبقيت عيناي تبحلقان في السقف ثم ما لبث البرج أن توقف، انطفأت الأضواء فجأة وخلفتني في ظلام دامس لا أعي منه شيئاً، كدمية مغلّفة بورق الهدايا! ??? صحوت متململة كعادتي أنظر إلى الساعة بنصف إغماضة لأرى أنها السابعة فأسحب الغطاء لأواصل النوم قلت لنفسي سأنام حتى التاسعة كعادتي فلست موظفة عند أحد لكي أصحو مرغمة في الصباح الباكر. لكني، فجأة قفزت من السرير بدهشة وذهول.. ورحت أقلب أغطية السرير وأحدق فيما حولي وأتفحص يدي وأظافري لأرى إنها ليست مطلية؛ ثم قفزت واتجهت إلى المرآة فلم أرى أي أثر للماكياج أو للكحل في عيني. ونظرت إلى بيجامتي لأرى أنها هي التي ارتديتها قبل نومي بساعات جلست بها أمام طاولتي وكتبت كعادتي.. أسرعت إلى الطاولة فرأيت ما دونته فيها على مدار ثلاث ساعات وربما أكثر.. إذن متى خرجت إلى المقهى في ذلك الموعد ومع ذلك الرجل الذي لم أكن سعيدة معه.. الرجل؟ من هو ذاك الرجل ومتى التقيت به؟ حاولت أن أتذكر ملامحه واسمه، وصفاته، فلم أتذكر شيئا؛ لكني كنت أرتدي ملابس الخروج وسمعت رنين جرس الباب.. وحدقت مرة أخرى في المرآة فلم أرى أية علامة أو إشارة تدل على أني خرجت في موعد مع رجل.. تلفت حولي أبحث عن ملابس السهرة والمعطف الذي ارتديته فلم أرى شيئاً منها على طرف الفراش كعادتي عندما أعود إلى البيت وأدخل غرفتي لأغير ملابسي وألقي بها على طرف الفراش أو على الكرسي حتى صباح اليوم الثاني لأقرر غسل ما يحتاج منها إلى التنظيف وأدخل في الخزانة المعطف مثلاً أو أية قطعة أخرى أرى إنها نظيفة. لم أر شيئاً من ذلك كله، كما لم أرى حذاء السهرة الذي ألبسه في مناسبة كهذه. ثم المقهى.. أي مقهى ذلك الذي ذهبت معه إليه؟ أعرف بعض المقاهي القريبة التي اعتدت الذهاب إليها مع صديقاتي، حاولت تذكر تفاصيلها لأرى فيما كان أحدها هو الذي ذهبت إليه معه، لكني لم أتذكر ذلك المقهى أبدا، تجولت في البيت محاولة استعادة تفاصيل ذلك اللقاء فلم أتذكر سوى ظلال باهتة وصوراً باهتة مختلطة؛ وفجأة قهقهت عالياً ودرت حول نفسي وخبط جبيني وضحكت ضحكة مدوية: يااااه.. يا له من حلم غريب! hamdahkhamis@yahoo.com