على إيران أن تستفيد من اتفاقها مع الغرب، حول برنامجها النووي، وبعد أن تبني مجلس الأمن هذا الاتفاق، أصبحت فرصة طهران كبيرة، كي تكون عضواً إيجابياً فاعلاً في المجتمع الدولي، وفرصة الشعب الإيراني كبيرة، كي يخرج من حالة الحصار، التي عانى منها لسنوات طويلة، فهل يستغل النظام الإيراني هذه الفرصة، أم يستمر مكابراً معانداً رافضاً التعايش مع الواقع؟ المراحل الصعبة أنهتها طهران مع القوى العظمى والغرب - من دون الخوض من الرابح، ومن الرابح الأكبر - بقي أمامها المرحلة الأخيرة، وهي إقناع دول المنطقة وجيرانها العرب بأنها لن تنتج سلاحاً نووياً يهدد المنطقة، والأمر الأهم أن تثبت لتلك الدول، أنها لن تتدخل في شؤون المنطقة، وأنها ستتوقف عن دعم الجماعات التي تُمارس الإرهاب في المنطقة، والجماعات التي تثير الفوضى في دولها... وكل ذلك ليس بالأقوال والكلام الجميل، وإنما بالأفعال التي يجب أن يلمسها الجميع على أرض الواقع. من غير المقبول، أن تستمر إيران في اللعب على الحبلين أكثر، وكنا نتمنى أن تكون زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبعض دول المنطقة، بداية لفتح صفحة إيرانية جديدة مع دول المنطقة، لكن تصريحات ظريف، يوم أمس في الكويت، لم تكن تحمل كثيراً من المؤشرات الإيجابية، فمن ضمن ما تم، أنه دعا دول الخليج إلى التعاون في مكافحة خطر «الإرهاب والتطرف»، مؤكداً أن بلاده لا تعتزم تغيير سياستها. ولا يبدو هذا الخطاب، هو ما كانت تنتظره شعوب ودول المنطقة، فالجميع يعرف من الذي يشارك في نشر خطر الإرهاب، ومن يدعم الإرهابيين، بل ومن يصنعهم! وزاد ظريف على ما سبق ما كان أدهى وأغرب، فقد قال «ما تحتاج إليه المنطقة ليس تغييراً سياسياً من قبل إيران، بل تغييراً في السياسة من جانب بعض الدول التي تسعى إلى النزاعات والحرب». ومثل هذا الكلام لم يكن منتظراً، فلا يمكن لظريف ولا للنظام الإيراني أن يخدعا الجميع وإلى الأبد، فقد أصبح واضحاً من عليه تغيير سياسته، وأصبح الجميع متفقين بالدليل القاطع والبرهان الساطع أنه ما لم تغير إيران سياستها، فإن شيئاً لن يتغير في المنطقة... فلا دول الخليج ولا دول المنطقة «تسعى إلى النزاعات والحرب»، كما ادّعى ظريف، فهذه دول سلام وتنمية وبناء، ولطالما كانت دول الخليج العربي تتخذ موقف الدفاع عن نفسها من دون أن تفكر بالمبادرة بخلق نزاع أو شن حرب، فليست لدى دول الخليج ثورة تريد تصديرها، ولا أيديولوجيا تريد نشرها، ولا أطماع توسعية تريد تحقيقها.. إذاً يبقى علينا النظر إلى الضفة الأخرى من خليجنا، لنكتشف من الذي يسعى إلى الحروب والنزاعات. وعلى أي حال، بعد الاتفاق الغربي حول البرنامج النووي الإيراني، ما تزال يد دول الخليج ممدودة لمن يريد العمل والتعاون، وما نزال ننتظر في دول الخليج أن تغير إيران سياستها، وأن تجتاز ماضياً مليئاً بالخلافات، وتنظر إلى مستقبل يحفه الاستقرار، فدول الخليج لن تتردد لحظة في طي صفحة الماضي، إذا صدقت طهران في أفعالها وليس أقوالها فقط!