الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دولة جنوب السودان... إلى أين؟

7 يناير 2014 22:26
في بيان مقتضب، أعلن وزير الخارجية الكندي، أن حكومة بلاده قد قررت إغلاق مكتبها في جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، بصفة مؤقتة، وأنه قد تم إجلاء الكنديين الموجودين هناك لتنفيذ ومراقبة المشروعات الكندية ضمن مشروعات المجتمع الدولي الذي التزم بإعادة تأهيل المشروعات الأساسية (الصحة، التعليم، الإدارة.. الخ). وقد تم بالفعل تنفيذ قرار الحكومة الكندية ووصلت إلى «أتاوا» طلائعهم مؤخراً. وفي أحاديث للصحفيين، أعرب مسؤولون كنديون عن أسف كندا للأحداث الجارية في جنوب السودان، ووصفوا الموقف المتفجر هنالك بأنه خطير، وأن مؤشرات تطوراته تشير إلى أن الجنوب قد ينزلق إلى حرب أهلية- قبلية سيفقد بسببها الكثير، وأوله أن العون والمشروعات الجاري تنفيذها من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا ومنظمات المجتمع الدولي ستتوقف، لأن الأجواء الأمنية والمخاطر المصاحبة لها لا تشجع العاملين والمانحين على العمل في الجنوب. وهذا الموقف الكندي، هو أحد ردود الفعل من قبل المجتمع الدولي، وتحديداً الغرب الذي صرف مليارات الدولارات في الدولة الوليدة التي يعتبرها إنجازاً له. وليست كندا وحدها هي التي أوقفت العمل في مشروعها الإنساني (القطاع الصحي الذي التزمت بتمويله وحققت نجاحاً نادراً اعترف به الدبلوماسيون الأجانب الموجودون في الجنوب والشهود على أرض الواقع)، بل إن الأمم المتحدة نفسها، وعلى غير عادتها، قد سارعت بمضاعفة عدد قواتها الموجودة هناك لخوفها من تكرار مأساة رواندا، حيث كان تباطؤها في دعم قواتها الأممية هنالك على الرغم من النداءات المتكررة من قائد تلك القوات للأمين العام ولمجلس الأمن، هو السبب في استمرار حرب الإبادة القبلية الرواندية.. وسيعلم المتصارعون في الجنوب، ولكن بعد فوات الوقت، مدى خطأ وخطل تصرفاتهم (الجميع وليس سلفاكير وحده)، وكيف أنهم قد دفعوا بلادهم وشعبهم إلى طريق محفوف بالأخطار، مجازفين بالعودة إلى الحرب وانهيار مشروع السلام الذي رعاه المجتمع الدولي، وبفضله تحقق للجنوبيين حلمهم القومي بقيام دولتهم المستقلة.. وفي كل الأحوال، فإن من سيدفع ثمن هذه السياسة الرعناء هو شعب الجنوب المغلوب على أمره هذه المرة بأيدي أبنائه. وعلى رغم القلق والخوف الذي يبديه أصدقاء دولة الجنوب الوليدة، ووصفهم المتفق عليه للموقف هنالك بأنه يستدعي القلق والخوف، وإنْ تصل المجهودات الأميركية والأفريقية لمعالجة الأزمة الجنوبية- الجنوبية لإقناع الأطراف المتصارعة في اجتماع أديس أبابا المفترض عقده يوم الثلاثاء بإيقاف القتال والعودة إلى الحوار والحل السلمي، فإن الجنوب سينحدر إلى هاوية الحرب الأهلية- القبلية. ووفقاً للمصادر الأميركية، فإن المبعوث الأميركي الخاص جاء إلى جوبا بمقترح أميركي ترى فيه الولايات المتحدة المخرج العملي من الأزمة، وتردد أنه قد وافق عليه الطرفان (سلفاكير ونائبه المقال رياك مشار)، ويقول إن على الطرفين أن يعتمدا طريق الحوار ونبذ طريق الحرب، وإنه لتحقيق ذلك على سلفاكير إطلاق سراح المعتقلين من قادة الحركة الشعبية وأعضائها والتوجه إلى أديس أبابا. وقدّر سلفاكير ذلك وأطلق سراح زملائه المعتقلين، وفي مقدمتهم باقان أموم (الأمين العام للحركة الشعبية المقال بقرار منه) ودينج آلور (وزير خارجيته المقال أيضاً) و«مايتب» وزير الإعلام، وآخرين، واحتفظ باثنين من زملائهم المعتقلين. من جانبه، قام «مشار» بخطوة عملية على طريق أديس أبابا، وأعلن تشكيل وفده برئاسة ربيكا (أرملة زعيم الحركة الشعبية الراحل قرنق)، وفي عضويته باقان أموم ودينج آلور، ولكنه شدد على ضرورة أن يطلق سلفاكير بقية الزملاء.. وهذه الخطوة (بتشكيل الوفد برئاسة ربيكا) تؤكد أن «مشار» السياسي المعتق قد سحب البساط من تحت أقدام سلفاكير، وهي أيضاً رسالة واضحة وذكية لزعماء قبائل الدينكا والشلك، وهو يعني بذلك أن الصراع والخلافات مع الرئيس الدينكاوي ليس منبعها اختلاف القبائل، وأنه صراع واختلاف سياسي أراد سلفاكير أن يكسبه بقوة العسكر، واختلق قصة الانقلاب العسكري المزعوم. ووفقاً للمصادر الأميركية، فإن المشروع الذي حمله الموفد الأميركي الخاص للطرفين، يهدف في النهاية إلى حل البرلمان وحكومة انقلاب سلفاكير وتشكيل حكومة وحدة وطنية جنوبية، يشترك فيها الجميع، تكون أولى مهامها الإعداد لانتخابات برلمانية بمراقبة المجتمع الدولي، وإعادة إصدار دستور دولة الجنوب، بحيث تتحقق الوحدة الوطنية والمشاركة السياسية لكل القوى والأحزاب الجنوبية في نظام ديمقراطي تعددي حقيقي وليس مظهرياً. ويقول بعض المراقبين للأمور، إن رسالة المبعوث الأميركي للطرفين هي أن كل أطراف المجتمع الدولي والأمم المتحدة قد وصلت الذروة من الإحباط والرفض بسبب سلوك السياسيين والعسكريين الجنوبيين الذين يعرضون بلدهم وشعبهم لمخاطر سيجد المجتمع الدولي ومجلس الأمن إزاءها أنه مضطر للتدخل الحاسم لحماية أرواح وممتلكات شعب الجنوب.. ومن هنا جاءت تلك الإشاعة بأنه هنالك في كواليس مجلس الأمن يجري الإعداد لوضع الجنوب تحت الحماية الدولية. والحماية الدولية هي العلاج القانوني الدولي لتخليص الشعوب التي تنتهك حرياتها وتبيدها حكوماتها الفاشلة. ومهما كانت صحة الإشاعة أو عدم صحتها، فإن القادة الجنوبيين المتصارعين قد خيبوا أمل شعبهم وأصدقائه وأصبحوا عنواناً آخر للفشل السياسي والإداري والأخلاقي. عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©