كم أنا سعيد بهذه الفترة الاستثنائية التي يعيشها منتخبنا الوطني لكرة القدم.. لم يعد التأهل وحده إلى بطولة كبرى هو كل ما يعنينا.. أصبحنا نتطلع إلى أمور كانت في الماضي دروباً من خيال.. بتنا وقد تأهلنا نبحث أيضاً عن الفوز ولا شيء غيره من أجل أهداف أخرى، منها تحسين تصنيفنا الدولي واحتلال الصدارة، وغيرها من الأمور التي لم تكن من قبل ترفاً ولا ضرورة.. لأننا ببساطة لم نكن نفكر فيها.. كنا في كل مرة نتعلق بأهداب الأمل في أن نتأهل، ولا خيار ثالث، فأحلاهما كان يتحقق بشق الأنفس. اليوم، يلعب منتخبنا مع أوزبكستان في طشقند، وهو راغب في الفوز، متطلع إليه، وأحسب أنه أيضاً طموح أصحاب الأرض الذين أنجزوا المهمة بالفعل وتأهلوا معنا إلى كأس الأمم الآسيوية، وهو ما يعني ببساطة أنه لا ضغوط على الفريقين، وتبقى عوامل أخرى مساعدة، هي التي تقرب الطرف الأعلى كعباً من طموحه وآماله. نحن ننشد الفوز ومعنا تنشده أوزبكستان، لكنه ليس كل ما نريد، فالمهم أن نطمئن على هذا الفريق، وهذا الجيل الذي يرافق الإنجاز منذ سنوات طويلة، هو عمر ارتباط قوام هذا المنتخب بعضهم ببعض، والفوز على أوزبكستان على أرضها وبين جماهيرها ليس بالأمر المستحيل، فقد سبق أن عاد منتخبنا الأولمبي من هناك بأغلى الأماني، وبتذكرة الذهاب إلى أولمبياد لندن، محققاً إنجازاً تاريخياً غير مسبوق في تاريخ كرة الإمارات. أعتقد أن منتخبنا الحالي مؤهل بإذن الله للذهاب بعيداً في السنوات المقبلة، بإرادة لاعبيه، وقدرات جهازيه الفني والإداري، ودعم اتحاد الكرة، ومساندة ومؤازرة كل الإماراتيين، أما لماذا هذه الثقة، فإنه يواجه تلك الأجيال التي رافقها شاب يوم استحق صدارة آسيا في الخبر والدمام منذ قرابة ست سنوات.. يومها كانت كل تلك المنتخبات هناك.. تفوق على أوزبكستان نفسها في النهائي المثير، ومر في طريقه باليابان وأستراليا والسعودية وقبلها منتخبات أخرى.. كانت تلك البطولة إرهاصاً بجيل مختلف أهداه القدر لكرة الإمارات، وإذا كانت كثير من المنتخبات لا تبقى على حالها ولا يرافقها الإبداع والنصر عبر أطوارها السنية المختلفة، إلا أن جيلنا كان مختلفاً ولا يزال يزداد بريقاً كلما مرت عليه السنين، يقوده جهاز وطني يدرك طبيعة عطشنا للفرحة التي غابت عنا سنين طويلة. اليوم، وحين يلعب منتخبنا أمام أوزبكستان، ستكون بداية جديدة وسطراً جديداً في كتاب نريد كل ما فيه ناصعاً، وأحسب أن مهدي علي مدرب المنتخب يدرك ذلك، وتصريحاته التي أدلى بها في طشقند تؤكد أيضاً أن الفريق لم يعد ينظر تحت قدميه، وإذا كان ينظر إلى كل مباراة باعتبارها مواجهة قائمة بذاتها أشبه ببطولة، إلا أنه ينظر إلى نفسه أيضاً وإلى كيفية جني أكبر قدر من الثمار المتاحة، ومن بينها التقدم خطوات في سلم التصنيف، لا سيما أن ذلك قد يكون له أثره كذلك في ترتيب المنتخبات في القرعة الآسيوية بعد أيام. كل التوفيق للمنتخب في مهمته الجديدة.. لا نريد أن نضغط على اللاعبين، ولكن نؤكد لهم أننا واثقون كل الثقة فيما لديهم، وأنهم أكثر حرصاً منا على جلب الفرحة أياً كانت، كما أننا ندرك أن الوطن في قلوبهم، وأنه مهما بعدت المسافات فإنهم باستحضاره في قلوبهم، قادرون على خوض أعتى التحديات، ولما لا، وهم أبناء الإمارات. كلمة أخيرة: الآمال الكبيرة تُربى.. وبقدر العناء تكون الثمار محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae