للجميع كل عام وأنتم بألف خير، متجملين بالصحة، منعمين بالسعادة، متزينين بالإحسان، وافري الرزق، والخير العميم، لاشك أن شهر رمضان الفضيل، طبعنا ببعض العادات الحسنة، وشذّب، وهذّب ما في بعضنا من شرور، وبصَّرنا بطرق المعروف، فليتنا نحافظ عليها، لتكون ديدننا طوال أيام العام، وأقلها الغيبة والنميمة، وخلق الإشاعة، وعدم قول كلمة الحق، لأن الكثير قد صام عنها في رمضان، فحريّ بهم أن يتابعوا، وسيدركون كيف هي النفس البشرية تتطهر، وتتعفف، وتنشد السمو، إن أرادت، وتكون من سعادتها بخفة خفقة جناح الطائر! أشكر كل القراء الذين طالبوا، وطلبوا مني أن لا أقطع ما أكتبه «مقابسات رمضان» عن الأيام العادية، وأقلها لو بين حين، وحين، لكنني، وبعد شكرهم، وإبداء تقديري لهم، أفضل أن يبقى ما لرمضان لرمضان، لأنها عادة أراها جميلة، واستمرت 15 سنة متوالية، لكنها بالنسبة لي تأخذ مني جهوداً مضاعفة، ولا أجد ما أجده خلال رمضان من سكينة، وقراءة متأنية، وذلك التجلي الروحي، فلرمضان وحده تلك المقابسات، وأعدكم بأنني سأجمعها في كتاب قريباً! لقد استراحت المحطات التلفزيونية بعد كل هذا الاحتراق والحريق الرمضاني، فقد رأينا بعضها يلهث منذ الأيام الأولى، وبعضها لم يستطع أن يكمل الطريق، وانسحب من تلك المنافسة على الغث والسمين، وبعضها ظل يضع ما تراكم عنده في مكتبته، أفلاماً تسجيلية، برامج تراثية، مقاطع فنية، وما يزخر به الأرشيف بالأبيض والأسود، في حين رأينا قسوة متعمدة من بعض المحطات، وهي تضخ بكل ما هبّ ودبّ حتى أنها «أكلت الجو» من المحطات الأخرى، وبدت أقوى محطة، قياساً لها أضعفها حلقة، خاصة محطاتنا المحلية التي لم تعرف ماذا تفعل، وماذا تمسك، وماذا تحل؟ فلا الإنتاج المحلي، وبرامج المسابقات خدمها، ولا الذي يوصون عليه من الخارج، وهو غير مغربل، نفعها، واسألوا السادة المشاهدين! ستبدأ لعبة تتقنها المحطات التلفزيونية، فالعادة بعد رمضان تعمل استبيانات، وهي غير«موضوعية، ولا منهجية»، لأن من يقوم بمثل هذه الدراسات «غير الميدانية» غير مخفيٍّ عن العاملين في الحقل الإعلامي والفني، والنتيجة مدركة مسبقاً، حسب «الظروف»، لكنها تخدم المحطة إعلانياً، وتسويقياً لرمضان القادم، اللعبة هي: أكثر البرامج متابعة، وأفضل ممثل، وأجمل ممثلة، وأحلى مقدمة برنامج، وأخف مذيعة نشرة أحوال جوية، وأرشق مذيعة محلية، وأنعم مقدمة عربية، طيب فيه: مخرجون، ومؤلفون، وفنيون كثر، وغير مستبعد أن يوصوا: بإنتاج جزء ثامن من «باب الحارة» بناء على رغبة المشاهدين الكرام!