يعقد المجلس الوطني الاتحادي اليوم جلسته الخامسة في دور انعقاده الحالي، ولعل من أبرز المناقشات التي تهم قطاعاً كبيراً من الطلاب، ما يتعلق بالسؤال الموجه من أحد الأعضاء إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حول آليات الوزارة لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بإلغاء السنة التأسيسية في الجامعات الذي جاء في أعقاب الخلوة الوزارية الاستثنائية لمجلس الوزراء الشهر الماضي التي دعا لها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وخصصت لتطوير قطاعي الصحة والتعليم، وكانت ثمرة أكبر عملية عصف ذهني في العالم شارك فيها شعب الإمارات. لقد جاءت المطالبات بإلغاء السنة التأسيسية في الجامعات بعد ما تبين للجميع ما تمثله من هدر مادي ومعنوي للطلاب وذويهم، وللعملية التعليمية برمتها، خاصة أنها صممت لمعالجة ضعف وخلل في التعليم العام، بدءاً من سنوات التكوين في حلقات التعليم الدنيا والمتوسطة التي يتم منها تصعيد الطلاب للصفوف التالية تلقائياً، وصولاً للمرحلة الثانوية، حيث يجد الطالب نفسه وسط متطلبات معقدة يصطدم بها، ويختار أسهل الحلول لمواجهتها باختيار شعبة «الأدبي»، وهو ما يظهر جلياً في الأعداد الكبيرة من خريجي هذه الشعبة، وبصورة لا تتناسب مع خطط وتوجهات الدولة من جهة، واحتياجات سوق العمل من الجهة الأخرى. لقد تحولت «السنة التأسيسية» بفعل ضعف المخرجات إلى «سنوات تأسيسية» بمتطلبات مرهقة، تصيب شرائح واسعة من الطلاب بالإحباط في وقت يكون فيه أقرانهم في مجتمعات أخرى يتوجهون مباشرة لدراسة التخصصات التي يرغبون في دراستها. وهذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لمجتمع تولي فيه الدولة أهمية خاصة لتنمية وتطوير مواردها البشرية المحلية، بما يحقق الغاية الموضوعة لبرامج تعزيز مشاركتها ووجودها في مختلف مرافق الإنتاج وسوق العمل. وكنت أتمنى أن تناقش مع مسألة «السنة التأسيسية»، قضية أخرى ظهرت في السنوات الأخيرة بعد اشتراط الوزارة شهادتي «الآيلتس» و«التوفل»، وتحولت هذه القضية عقبة كأداء لمئات الطلاب الذين عجزوا عن الالتحاق بالجامعات والكليات العليا جراء هذا الشرط الذي أصبح مادة للتجارة و«البزنس»، وظهرت على هامشه معاهد و«دكاكين» تتاجر في دورات الإعداد لخوض غمار امتحانات هذين الشهادتين، وأقل دورة تصل تكلفة عشرة أيام منها نحو خمسة آلاف درهم، بحسب «شنة ورنة» اسم المعهد. وعقد تلك الامتحانات حكاية تُروى وترصد بحد ذاتها، حيث لا يقل رسم التقدم لكل امتحان عن الألف درهم، ويعقد أغلبها في قاعات فنادق خمس نجوم. وعلى الرغم من كل ذلك لا يوجد أي مردود إيجابي من اجتيازه سوى تدني مستوى وقدرات الطلاب في استخدام العربية لغتهم الأم، مع ما لذلك من تأثير ملموس على واحد من أهم أدوات وأوعية الهوية الوطنية. ويقدم اللغة العربية كلغة عاجزة عن مواكبة العصر وعلومه، في مسار ومنحى لا تجده في مجتمعات أخرى تتمسك بالتدريس في جامعاتها بلغاتها، سواء في اليابان أو كوريا الجنوبية، وكذلك في ألمانيا وفنلندا، وغيرها من الدول الأوروبية. نتمنى ألا تتأخر كثيراً وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بلورة وتطبيق آليات قرار إلغاء السنة التأسيسية، وكذلك ما يضع حداً لمعاناة ضحايا«الآيلتس» وتوابعه. ali.alamodi@admedia.ae