أعتقد أنه قد حان الوقت لوقفة حازمة من وزارة العمل تجاه مكاتب التوظيف الخاصة، التي تطلق على نفسها وكالات توفير القوى البشرية. البعض عندما تحدثه عن هذه المكاتب، يذهب تفكيره مباشرة لمكاتب جلب العمالة المنزلية، ويغفل عن وكالات التوظيف هذه التي تقوم بممارسات سلبية لا تقل في أثرها المشوه لصورة الدولة عن النوعية الأولى من المكاتب. وتمثل إساءة وتشويهاً للصورة المشرفة التي بلغتها التشريعات العمالية في الإمارات، وهي محل تقدير المجتمع الدولي، وأثنى عليها خلال اجتماعات «العمل الدولية» في جنيف مؤخراً. وإذا كانت من ملاحظات، فهي عن هذه المكاتب والوكالات التي جاءت - كما يزعمون - لسد فراغ معين، أو مساعدة الجهات المُوظفة للعمالة الفنية أو المؤهلة تأهيلاً عالياً وجامعياً، فإذا بها تتحول إلى وسيلة ابتزاز باشتراطاتها المجحفة بحق طالبي الوظائف، الذين يقبلون تحت إلحاح الحاجة بأن تقاسمهم هذه الوكالات رواتبهم الشهرية، وفي أحايين أخرى تلتهم أكثر من نصف الراتب المحدد من جهة التوظيف الأساسية. وما يجري في سوق العمل بواسطة بعض وكالات التوظيف، يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة دورها، ونمط العلاقة بينها وبين الجهات الموظفة، التي بحجة اختصار الإجراءات، تلجأ لمثل هذه الوكالات. في السابق، كانت بعض الشركات الكبرى الخاصة هي التي تتعامل مع وكالات التوظيف. وبعد فترة، وجدنا مؤسسات ودوائر حكومية استهوتها اللعبة، بعضها استفاد من الأمر للتنصل من «التوطين»، واعتبر الأمر صورة من صور الهيكلة في هذه الدائرة أو تلك المؤسسة. ولكن تلك الجهات لا تقدم لنا تفسيراً حول عجزها عن التعاقد المباشر مع احتياجاتها من العمالة الفنية الماهرة وأصحاب المؤهلات. كما لا تتوقف أمام مناصفة تلك الوكالات للمتعاقدين للعمل عن طريقها للأجور التي تدفع لهم. ممارسة غير إنسانية أو أخلاقية، لا تقل بشاعة عن صور الاتجار بالبشر الذي تصدت له الدولة بكل قوة وحزم. فقد كان الحديث في البداية عن رسوم تدُفع لمرة واحدة لمكتب التوظيف، وأصبحنا نسمع عن طرق ابتزازية أخرى لبعض هذه المكاتب والوكالات، منها اقتطاع راتب الشهرين أو الثلاثة أشهر الأولى. وأحياناً يكون بمناصفة الراتب طيلة الفترة التعاقدية، ويقبل بها من تُسد أمامه الأبواب. ذات مرة، استغربت جلب أحد هذه المكاتب لصالح شركة نفطية وطنية عمالة من دولة بغرب أفريقيا معروفة بتخلف قطاعاتها النفطية وتفشي الفساد فيها، بينما كان باستطاعة الشركة الحصول على احتياجاتها من سوقنا المحلية التي تترع بالكثير من حملة الشهادات والمؤهلات في مجال هذه التخصصات، بالإعلان في وسائل إعلامنا التي تجتذب إعلانات للتوظيف لجهات خارج الدولة. الواقعة تكشف إصرار هذه الوكالات والمكاتب على فرض وجودها وتزيين التعامل معها. تعامل، ما زلت أقول إنه بحاجة لتدخل وتنظيم أوسع من جانب وزارة العمل، ذات المبادرات المتواصلة لتنقية سوق العمل من شوائب تستغل في محاولات النيل من الصورة الزاهية للدولة وجهودها في تحسين ظروف العمالة بصورة عامة. وبانتظار القول الفصل من الوزارة حول عقود هذه المكاتب، كان الله في عون من قادتهم الظروف للعمل عن طريق هذه الوكالات المستغِلة. ali.alamodi@admedia.ae