‎مرات أتساءل بالرغم من أنني لست من أهل الاختصاص، ما هي الفائدة التي تجنيها البنوك من كثرة فروعها في المدينة الواحدة؟ حتى أصبحت أكثر من محطات “الباصات”، وغدا عندنا بين كل بنك وبنك، هناك فرع لهذا، وذاك، حتى إن سائقي الأجرة يحتار حينما تقول له عند البنك الفلاني، فيضرب براحة يده على رأسه، دليل الحيرة والارتباك، فيفضل رقم الحوض، ورقم المنطقة، وقد أصابني العجب حين عرفت أن أحد بنوكنا الوطنية له في الإمارة حوالي مائة وخمسين فرعاً، لكن المشكلة هي أن الفرع عندنا يضاهي الأصل في الحجم أحياناً، وليس مجرد دكان أو كشك مصرفي يسيّر ما تعجز عنه المصارف الإلكترونية، وآلات الصرف والايداع، نقول ما هي الجدوى الاقتصادية من تلك الفروع الممتدة من أقصى المدينة إلى أقصاها؟ في ظل دوام متأخر لمعظم البنوك، وفي ظل الخدمات الإلكترونية المصرفية، وفي ظل توجه الشريحة العظمى للتعامل الإلكتروني من خلال وسائط اتصالاتهم الشخصية، هل هو سباق محموم لتفريخ فروع كثيرة، ليصبح البنك رائداً بكثرة فروعه، وشبكته العنكبوتية، لا في جودة الخدمات وتميزها وسهولتها؟ هل للمصرف المركزي رأي في هذه المسألة؟ غير البعد بين الفرع والفرع كم من فرسخ؟ هل هي فروع للضروريات أم للكماليات، والتفاخر أن مصرفنا هو الرائد بكثرة الفروع، لتضاف شهادة فخرية أخرى تعلق على مكتب رئيس مجلس الإدارة المؤقت على جهده الكبير في إضافة فروع أخرى خلال مسيرته المصرفية، التي قضاها في أعمال البر والتقوى، وفتح فروع للبنك، هل للجمعيات العمومية للبنوك رأي في فتح هذا الكم من الفروع كل عام؟ مرات يكاد المرؤ يجزم، ولو لم يكن مختصاً أن بعض هذه الفروع لا يمكن أن يغطي مصاريفه الإدارية، والزائر لمدن أوروبا وأميركا لن يجد غير شبابيك مصرفية متباعدة أو في المراكز التجارية، أو شارعاً كاملاً للمال والأعمال، بعيداً عن الفروع المتناثرة، والتي تدشن عندنا كل شهر، حتى إن هناك أكثر من فرع في المنطقة الواحدة أو الشارع الواحد، يحتار البنك ماذا يسمي تلك الفروع؟ فيلجأ للأرقام لتمييزها، ونقول ذلك: بعدما غطت الفروع على “الأصول”، وأرهقت الفروع “الأصول”، وأصبح المديرون أكثر من الموظفين، طيب ما دمتم يا بنوك في غمرة السباق المحموم لفتح كل هذه الفروع، سهلوها شوي، وزيدوا نسبة التوطين، وشغلوا هالخريجين الجدد في الفروع الجدد، ورغم ذلك نقول أيضاً: إن كانت هذه البنوك ترى في الفروع مصلحتها، وربحها، وربح المساهمين فيها، وإرضاء جمهور المتعاملين معها، نعتذر، ونقول شيئاً آخر: إن البنوك وأهلها أدرى بفروعها! amood8@yahoo.com