«الحياة بسيطة، لأننا نخرج منها ببساطة»، أفكر بذلك، وأنا في عزاء جارة لنا توفيت فجأة، كانت منذ قليل تضحك، وتحدث أطفالها، وتسأل عن جاراتها، وتنهي أعمال منزلها، كانت منذ قليل تخطط للغد، وترتب مواعيدها، وتنظم شؤون بيتها، كانت منذ قليل بيننا، فرحلت، ببساطة، رحلت وقد تركت خلفها لكل من عرفها صدمة كبيرة، ومحبة أكبر. الحياة طريق قصير، أقصر مما نعتقد. جارتنا قضته في المحبة، لم يعرف عنها إساءة لمخلوق، أكثر باكيها هم خدمها. وحين يبكيك إنسان ضعيف كان تحت إمرتك، تعرف أنه لم يشعر معك بضعفه. وأية مهمة أنبل من أن تنجح في انتشال روح إنسان من مهانة الضعف وقلة الحيلة، كانت تحسن لمن تعرف ومن لا تعرف. والإحسان ليس بالضرورة مال، هو كلمة طيبة، ونظرة تفهم لو زللت، وابتسامة، ويد تربت على كتفك، واستعداداً للنهوض لتحيتك تحت أي ظرف. الإقبال على الآخر بقلب مفتوح، كان منهجها، لم تشغل بالها بقياس نسبة الشر في قلوب الآخرين، تركت القلوب لخالقها، وانشغلت هي بقلبها، تسقيه بالتسامح والخير والمحبة حتى صار أخضر، تماماً مثل شجرة. هل تريد لقلبك أن يكون شجرة؟ لا تحقد. الحقد قد يتسلل إلى القلب إلى حين غفلة، كن متيقظاً له، مثلما تنفض فراشك كل يوم وتشمّسه، نفض قلبك وافتح أبوابه للنور، دعه يطهره، ينقيه، لا شيء يعادل قيمة قلب نقي. افرد كفيك، ضع في أحدهما كل أموال العالم، وضع في الأخرى قلباً نقياً، سترجح كفته. ستصفعك الحياة كثيراً، قد يخونك أصدقاء، ويطعنك من أحببت، وقد تجد نفسك وقد صرت في آخر الصف لأنك اهتممت بكل أحد ولم يهتم أحد بك، لكنك ستكون قد نجوت، فستكون مستعداً دوماً ولو مت فجأة، فقلب نقي رفيق مثالي لروح راحلة. اجعل قلبك رفيق روحك، لن تشعر بالوحشة. من أين يأتي الأمل؟ من شدة قصر اللحظة. واليقين بنهاية الطريق. ربما يكون اليأس أحياناً وقوداً للأمل. اليأس من أزلية هذا الوجود، يجعل من اللحظة الراهنة حياة كاملة، ومن كل البشر أصدقاء وأحبة؛ فكلنا في نفس الوعاء نتقلب لنشكل المكونات الأساسية لطبخة الحياة؛ سيميل الوعاء من حين لآخر لينسكب بعضنا قبل الآخر في المائدة الكونية؛ واستعداداً لهذه اللحظة علينا أن نكون قد نضجنا تماماً، وتخلصنا من عوالق التراب، وتشربنا حتى نخاع الروح بنكهة المحبة. Mariam_alsaedi@hotmail.com