تعتبر الرياضة من أهم أنواع الفرجة لدى قطاع واسع من الجماهير، وهي في الآن نفسه مكون ثقافي شعبي.. من هنا يمكن الحديث عن هذا القطاع المهم والحيوي في المجتمع.. هذا القطاع الذي كان في السبعينيات والثمانينيات صرحاً من صروح الثقافة، حيث اجتمعت في الأندية الثقافة والرياضة، ومنها تكون فعل ثقافي واجتماعي بارز ولا سيما على صعيد المسرح تحديداً، حيث لم يكن يخلو ناد من الأندية في ذلك الوقت من خشبة مسرح مفتوحة على الهواء الطلق، وكانت تتجمع الجماهير بأعداد كبيرة لمتابعة العروض المسرحية والأنشطة الثقافية والفنية الأخرى. وبالمجمل، كان النادي شعلة من النشاط والفعل الثقافي والرياضي، كان يحقق تلك الأهداف النبيلة التي قام عليها، وهي نشر الثقافة والرياضة بين أفراد المجتمع وخاصة الشباب منهم، وكانت الصفة التي يحملها «الثقافي الرياضي» اسماً على مسمى، وحقيقة تحدث بشكل دائم. في ذلك الزمن الحميم والصافي، جمعت الأندية الرياضية الشباب بأعمارهم المختلفة وانخرطوا في كل الألعاب الرياضية، حيث لم تخل لعبة من الألعاب الرياضية الجماعية أوالفردية من اللاعبين، حتى إن بعض اللاعبين كانوا يمارسون أكثر من لعبة جماعية في ذلك الوقت، إلى أن صدر قرار بتحديد لعبة جماعية واحدة لكل لاعب.. وفي كل لعبة من تلك الألعاب الجماعية لاعبون في كل المراحل السنية.. وصحيح أن لعبة كرة القدم كانت وما زالت هي اللعبة الشعبية الأولى، إلا أن الألعاب الرياضية الأخرى كان لها حضور بارز أيضاً، كان لها جمهورها ولها نجومها.. كان الجمهور يقترب من تلك الألعاب ويتعرف عليها ويتثقف فيها عبر المتابعة، ولم يكن دافع الانتماء للنادي والحماس فقط هو سبب المتابعة. منذ ذلك الزمن إلى اليوم، حدثت هوة كبيرة بين كرة القدم والألعاب الأخرى، وأهمل الجمهور الألعاب الجماعية والفردية الأخرى، وترسخت كرة القدم وكأنها من مولدات الفعل الثقافي الشعبي الإماراتي الضارب في القدم! وذلك بفعل عوامل عديدة منها غياب الاهتمام الرسمي وبالتالي غياب الاهتمام الشعبي والإعلامي، وهذا الأخير هو الأكثر تأثيراً في غياب هذه الألعاب عن المشهد الرياضي الشعبي. وحين يحضر التساؤل: لماذا لم يحظ منتخب كرة اليد باستقبال جماهيري كبير بعد تأهله لكأس العالم، واقتصر الأمر فقط على مجموعة من المسؤولين في مؤسسات رياضية، غاب عنهم منصب وزير أو حتى وزير سابق، لماذا لم يحظ هذا المنتخب بتكريم على هذا الإنجاز الوطني الكبير، لماذا لم تكن لهم جولة الأبطال؟ ولمعرفة الجواب، علينا التفتيش في رسالة الإعلام الرياضي المحلي الذي يعتبر أول من يُساءل، لعدم قيامه بدور محوري وفعال في تكريس الثقافة الرياضية الشاملة في المجتمع، أو لتقصده تغييب الرياضات الأخرى لمصلحة رياضة كرة القدم. بعد هذا الإهمال الذي لقيته رياضة كرة اليد، وهي تحقق إنجازاً رياضياً تاريخياً في مجالها لدولة الإمارات، على الإعلام الرياضي أن يراجع حساباته ويعيد ترتيب أوراقه، ويكرس الثقافة الرياضية في المجتمع ويعمل لمصلحة رفعة رياضة وطن وليس رياضة « قدم». saad.alhabshi@admedia.ae