عندما كنا صغاراً نقف في الطابور الصباحي لم تكن الإذاعة المدرسية تخلو من الجملة التالية: «العقل السليم في الجسم السليم»، وكانت هذه الجملة تمر علينا في كل مكان، نراها في الوسائل التعليمية ومعلقة على الجدران، وكانت عقولنا أصغر من أن نستوعب المعنى الحقيقي لهذه الجملة، مع أنها بسيطة وسهلة، ومعناها هو: «من سلم جسمه فقد سلم عقله». في السابق كانت الأحياء والفرجان تعج بالمساحات الخالية، وفي كل حارة لم يكن الأمر بحاجة إلى أكثر من عدة أخشاب أو الإطارات المستعملة أو حتى الأحجار لصناعة ملعب كرة قدم مثالي، كما لم نكن بحاجة إلى أكثر من قضيبي حديد وحبل غسيل لصناعة ملعب كرة طائرة متكامل. واليوم تضاءلت المساحات الترابية أمام الزحف العمراني، وضل الشباب والأطفال الطريق، وأصبحوا يمارسون هواياتهم الرياضية، ولكن بطريقة متطورة وتكنولوجية، وذلك من خلال تطبيقات على «الأيباد»، ويلعبون كرة القدم ولكن من خلال جهاز «البلاي ستيشن»، ولن ندرك عواقب هذا التطور إلى أن ندفع الثمن. الرياضة مهمة للصحة ومحاربة الأمراض، والرياضة هي السلاح الأهم لمكافحة الجريمة، ولشغل أوقات الفراغ لدى الشباب، وتنمي لديهم حس العمل الجماعي وتقوي فيهم شخصياتهم وتطور مهاراتهم الاجتماعية، وعندما لا يجد هؤلاء الشباب المساحة التي يحتاجونها لتفريغ طاقاتهم الجبارة، فلا عجب أن تكون ردود أفعالهم سلبية والعواقب وخيمة، ولا نستغرب إذا سلكوا الطريق الخطأ وتفشت الجريمة. الوصول إلى مجتمع سليم عقلياً، ومعافى بدنياً وصحياً، وآمن تقل فيه الجريمة إلى حدودها الأدني هو واجب على كل من يقيم في هذا الوطن، من مواطنين ووافدين، والمساهمة في دعم ممارسة الرياضة لا تتعلق بالحكومة فقط، ولكن علينا جميعاً، وقبل تسعة أعوام فرضت إمارة دبي رسم «درهم المعرفة» بإضافة عشرة دراهم إلى الرسوم المستوفاة من سائر المعاملات الحكومية، ويذهب ريع هذا الرسم لتطوير الأنشطة الثقافية والمعرفية، وبالفعل فقد أسهم درهم المعرفة الذي ساهم فيه الجميع في تقديم دعم هام لهذه الأنشطة. واليوم نحن بحاجة إلى مشروع مماثل وإلى «درهم الرياضة» أو رسم، وليكن 10 دراهم وهو مبلغ زهيد يكاد لا يذكر يضاف إلى رسوم مئات الملايين من المعاملات الحكومية التي تجرى سنوياً، وهو مشروع من شأنه أن يوفر سيولة ضخمة لدعم تشييد الملاعب لمختلف الرياضات في الأحياء السكنية، والمناطق المختلفة. مسك الختام: بناء عدة ملاعب رياضية في أحد الأحياء قد يكلفنا قرابة المليون، ولكنها ستوفر علينا مئات الملايين في بناء الكثير من المستشفيات والسجون. Rashed.alzaabi@admedia.ae