انطلقت فعاليات مهرجان قصر الحصن للسنة الثانية على التوالي، بعد أن نجح المهرجان العام الثاني في إبهار الجمهور، وحقق أعلى نسبة مشاهدة وزيارة على مستوى المهرجانات والفعاليات والأحداث التي تقام في أبوظبي. هذا العام نتوقع أن يحقق المهرجان نجاحاً أكبر وإقبالاً جماهيرياً أكثر من العام الماضي، ويبدو أن السر في ذلك هو أن المهرجان على مستوى الفكرة والتنفيذ هو مهرجان ثقافي للنخبة، يقدم أفضل وأعلى مستوى من الفعاليات، وفي الوقت نفسه يتم تقديمه إلى العامة ويقترب منهم، خاصة الأجيال الجديدة من مواطني دولة الإمارات. وبلا أدنى شك فقد نجح المهرجان في اجتذاب جموع المواطنين في ظاهرة غير مسبوقة، وأن يحقق إقبالاً كبيراً جداً على حدث ثقافي يحتفي بالتاريخ، على الرغم من أننا بتنا نعيش في زمن التكنولوجيا المحمولة في اليد. وما حققه المهرجان وما سيحققه أيضاً هذا العام يعكس ظاهرة جديرة بالدراسة، وهي ظاهرة الشغف بالتاريخ عند الأجيال الجديدة على الرغم من أننا نتهمهم دائماً بأنهم بعيدون عن الاهتمامات الثقافية والتاريخية، ويبدو أن هذا غير صحيح، ولكن المسألة هي كيفية تقديم هذا التاريخ، وتقديم هذه الثقافة التاريخية لهم، فهم أجيال مختلفة عنا، وعاشت في زمان غير زماننا، وهذا هو ما نجح مهرجان قصر الحصن فيه بجدارة. هذا العام سوف يحتفل المهرجان السنوي الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بمرور أكثر من 250 سنة على بناء هذا الصرح التاريخي الذي يعد أقدم معلم تاريخي في أبوظبي، ورمزًا لنشأة أبوظبي، وأيقونة تاريخية تمثل الثقافة والتقاليد الإماراتية، وسيظل قصر الحصن يشكل رمزاً مهماً لأجيال كثيرة مقبلة بإذن الله. وفي الحقيقة أننا كنا كثيراً ما نطالب في هذا المكان بالاهتمام بسياحة المهرجانات، فهذا النوع من السياحة يخلق زخماً ثقافياً وتاريخياً، تستفيد منه صناعة السياحة بأكملها، ودائماً عندما نذكر كلمة «سياحة المهرجانات» فإن الذهن ينصرف إلى مهرجان يشارك فيه السياح من الخارج، على اعتبار أن السائح الأجنبي هو الذي يهتم بالتاريخ والآثار والثقافة. ولكن مهرجان قصر الحصن حقق المعادلة الصعبة، واستطاع أن يؤسس مهرجاناً تاريخياً ثقافياً داخل أقدم المباني التاريخية، وأن يحصل على الجمهور والاهتمام المحلي بشكل غير مسبوق. ومن مهرجان قصر الحصن يمكن أن نستفيد ونتعلم أهمية دقة تنفيذ العمل، وأهمية احترام عقلية الجماهير، وأن النجاح لا يأتي مصادفة، بل هو نتاج فكرة غير مسبوقة والعمل على التنفيذ بدقة والاهتمام بالتفاصيل، وأن نتعلم أيضاً أن المحلية بداية الطريق إلى العالمية. نشكر كل من ساهم وعمل في هذا العمل الرائع.. وحياكم الله... رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com