ذات مرة التقيت بزائر ممن يترددون على الإمارات، وفاجأني بحديثه عن أمر أعجبه كثيراً، وما أكثر تلك الأمور في هذا الوطن الغالي - ولا يشعر بها القريب منها- قال إن أكثر ما يعجب به خطبة الجمعة الموحدة، وهي تركز دوماً على قيم الإسلام وتحث على ممارساته الصحيحة، بعيداً عن خطب منفلتة يسمعها في الكثير من الدول الأخرى، وتوظف لإثارة النزعات المذهبية والشحن ضد الآخرين، ويستمطرون اللعنات والدعاء على من يختلفون معه، في مسلك بعيد ومختلف تماماً عما يجري هنا، حيث الدعوات الطيبة لتوحيد الصفوف والإقبال على كتاب الله، وسنة نبيه الكريم محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام. استعدت ملاحظة ذلك الزائر بينما كنت أتابع مساء أمس الأول أمسية دينية أقامها سماحة السيد علي الهاشمي مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة بمزرعة الزهراء في منطقة الختم برعاية وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وبحضور جمع من علماء الدين وممثلي الطوائف المسيحية وسفراء عدد من الدول الاجنبية. وجاءت في ختام احتفالات استمرت على مدى شهر احتفاءً بمولد سيد الخلق الرحمة المهداة المبعوث متمماً لمكارم الأخلاق. وكان من الطبيعي أن يسيطر على الأمسية رفض ما أقدمت عليه المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو» من إساءة للنبي الكريم مع إدانة العمل الإرهابي، الذي أودى بحياة بعض العاملين فيها ومدنيين أبرياء في هجمات باريس الأخيرة. والتأكيد على التمسك والالتزام بخلق النبي الكريم وما أرساه من أدب عظيم في الاختلاف مع الآخرين. وتضمن كذلك دعوة للآخر للتفريق بين احترام المقدسات والأديان وما يعتبره حرية رأي، تلك الحرية التي أثبتت الأيام أنها مقيدة باعتبارها تقف عند «العداء للسامية» في مجتمعاتهم! وهو ما دعا إليه كذلك البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بأن حرية التعبير لا تعني إهانة الدين. كانت أمسية جميلة عطرة عطر صاحب السيرة التي نحتاج لاستذكارها والتمسك بها، ونحن نرى فظائع ترتكب باسمه عليه الصلاة والسلام، وباسم الإسلام من قتل وترويع ونسف وتدمير يقوم به «خوارج» العصر، ومجانين التطرف والغلو من الجانبين.