استكمالاً لمقال الأمس حول الحريات المأمولة والحريات التي يتلاعب بها الحمقى أجد أن هذا المقال جدير بالإعادة ! لقد كتب ابن خلدون في مقدمته الشهيرة «أن الإنسان كائن مدني بالفطرة كما هو كائن اجتماعي» ولو قدر له أن يعيش في أيامنا هذه لكتب أن الإنسان كائن عدواني، الحرب أساس بقائه وحيويته! وإن هذا التقدم التقني سيزيد الحرب فظاعة ! وانطلاقا مما نرى ونتابع علينا أن نسلم بذلك، فها هي الأيام تكشف لنا يوميا عن استراتيجيات توظيف الدين كمطية لبلوغ أهداف مشبوهة وخدمة مصالح كبرى، عن طريق التفجيرات والسيارات المفخخة والأجساد الشابة المزنرة بالديناميت واقتحام المساجد وتفجير المصلين لاثارة الفتن والفوضى في المجتمعات الآمنة، إنها البلطجة والقتل والتخريب باسم الدين للأسف ! إن هذه الظاهرة العابرة للقارات والمجتمعات تقود الى حقيقتين: الأولى هو تحول الدين إلى واحد من أوسع الأدوات والآليات استخداما وتوظيفا في شن الحروب المعاصرة وإذكاء نيرانها وإبقائها مشتعلة على الدوام، ولذلك فإن علينا أن نتوقف عن النظر بتلك القداسة السابقة التي لطالما نظرنا بها لمن يتحدث باسم الدين، كما أن علينا أن نفصل تماما بين الدين من حيث هو عقيدة وشريعة نقية منزلة من عند الله وبين من يتحدث بها، فهذا التقديس والتأليه للأشخاص أو بمعنى أدق هذه العصمة التي نمنحها للأشخاص هكذا ببساطة، وكأنهم رسل أو أنبياء، بينما هناك قول منسوب لأحد علماء المسلمين يقول فيه « كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا النبي عليه الصلاة والسلام ».