في مكتب لخدمة العملاء تابع لـ«مواقف» بشارع هزاع الأول في العاصمة مازح مواطن مسن موظفة الاستقبال، بأن تبحث الدائرة حلًا يحصنها دعاوات الجمهور المتذمر من المخالفات الباهظة. كان الرجل يتسم بروح مرحة وسط الوجوه العابسة في ذلك النهار الرمضاني الحار. وهو يردد «البارحة اشتريت أغلى طبق «روب» لا يتعدى ثمنه ستة دراهم لأدفع بعدها مخالفة «مواقف» بثلاثة مائة درهم، قبل أن يظفر بخصم الـ25? للسداد المبكر!!. موقف يكاد يتكرر كل دقيقة، والمسؤول الأول عنه ليس مفتش الدائرة الذي يقوم بواجبه كاملاً، والكثير منهم يتسم بروح متسامحة تقدر ظروف الوقوف «الخاطئ»، لأنه يدرك معاناة الجمهور مع أزمة المواقف الحادة في أبوظبي، والتي لولاها لما اضطر مثل ذلك المواطن المسن الوقوف في الممنوع. ولا يوجد انفراج وشيك للأزمة لغياب وتأخر الحلول الجذرية لها، وبطء مشروعات الدائرة لانجاز مزيد من المواقف تسير بالصورة المواكبة للتدفق الهائل للمركبات و«كرم» صرف رخص القيادة. لا أحد يختلف مع الهدف الحضاري من مشروع المواقف المدفوعة الذي أخذته على عاتقها دائرة النقل لإرساء وضع سليم وصحيح يليق بمدن ومناطق إمارة أبوظبي، بعيدا عن الوقوف العشوائي، وسوء استغلال المواقف قبل إدخال الخدمة التي لم تعد جديدة، وتقبلها الناس لأنها بالفعل لمست فوائدها الإيجابية في العديد من الأماكن. ولكننا نتحدث عن سوء التطبيق في المناطق القديمة والجديدة على حد سواء، خاصة في الأماكن التي تتكدس فيها دوائر خدمية وشركات ومرافق على صلة بالجمهور. ولا تعرف سر إصرار أصحاب القرار فيها على اتخاذ مقار لهم فيها، ونشأت ظاهرة المراجع ومرافقه الذي ينزله عند الدائرة المعنية، ويعود لالتقاطه بعد إنجاز معاملته بدلا من إضاعة الوقت وإتلاف الأعصاب في المعاناة المريرة للبحث عن موقف. واليوم وبعد هذه السنوات من التطبيق، لا زالت أزمة المواقف قائمة تنفرج هنا وتشتد هناك، وعلى هذا المنوال رغم اجتهادات «النقل» في إعادة تخطيط وبناء المواقف القائمة، وحتى مشروعاتها الخاصة في تأهيل الشوارع سرعان ما ستفقد جدواها إذا ما استمر تدفق المركبات والسيارات بهذه الوتيرة، والدليل اختناقات شارع الشيخ زايد (السلام سابقا) في ساعات الذروة بعد انتظار دام عشر سنوات للمشروع الاستراتيجي.