دائماً نسير على نهج الكبار «في أوروبا والدول المتقدمة».. لكننا نأخذ من تجاربهم ومن مصطلحاتهم شقها الترفيهي ليس إلا، هم من يخترع ونحن من يستخدم.. هم من يبتكر ونحن من يستفيد.. هم من لا ينظرون للاسم بقدر النظر لما أضافوه، بينما نحن نتعلق بالاسم أكثر من معناه، ليفقد مع الأيام فحواه ومغزاه. بدأ «الميركاتو الشتوي» لدينا، كما نحب أن نسميه، ولم لا، ونحن لا نقل شيئاً عن الإيطاليين والأوروبيين.. لم لا، ونحن نفعل مثلما يفعلون بالضبط، باستثناء شيء واحد.. هو أننا لا نعرف ماذا نريد، وإذا عرفنا، تنازلنا بعد أيام عما نريد، أو كان الذي لا نريده غير مناسب بالمرة لاحتياجاتنا.. المهم أننا فعلنا مثلهم، وكان لنا «ميركاتو» مثلهم. والميركاتو سواء «الشتوي» أو «الصيفي»، تعني بلغتنا العربية «السوق»، وتطلق على تلك الفترة التي تخصص للأندية من أجل انتقالات اللاعبين، بالشراء أو الإعارة ودعم الصفوف، ومعالجة نقاط ضعفها، والمفروض أن يتم ذلك وفق أسس معينة، أهمها خصائص اللاعب فنياً، ومدى قدرته على إفادة الفريق، وعن نفسي أرى أن «الميركاتو الشتوي» بالذات، لا يحمل إضافة حقيقية، فالمعادن الثمينة تتمسك بها أنديتها، ولن يبقى في السوق، مثلما هي طبائع الأمور، سوى السلعة التي أوشكت أن تبور. المهم أن أنديتنا في الغالب، جعلت من هذه الميزة الاستثنائية في الشتاء بالذات، سوقاً أصلية، تختزل كل الفصول، ليتحول الأمر إلى «مركاضو»، تركض فيه بكل صوب وحدب.. تبيع وتشتري، ونظراً لضيق المدة الزمنية المتاحة، فإن اختياراتها في الغالب لا تصب في صالح الاحتياجات، ولو كانوا يجيدون الاختيار لأغناهم «الصيف» عن «رحلة الشتاء». حتى الآن، يقال إن ستة أندية من بين 14 في دوري الخليج العربي، قررت أن تحتفظ باللاعبين الأجانب في «الميركاتو الشتوي»، وإن المنافسة على استبدال وتغيير اللاعبين تشتعل بصفة خاصة في القاع والوسط، وتهدد بتغييرات موسعة في مركزي الهجوم وصانع الألعاب، والمهم أن تنفق الأندية الملايين، فلا شيء يمنع أن ندفع للقادمين وأيضاً للراحلين. نحن أسخياء في كل أحوالنا.. أسخياء في الرضا وفي الغضب.. في التعاقد وفي الفسخ.. في المدح وفي الذم.. في الشراء وفي البيع، ولا أدري مرد ذلك بالضبط في تركيبتنا العربية، التي يلعب الحب والكره دوراً رئيساً في قناعاتها، كما تلعب «الفهلوة» دورها، بادعاء الخبرة، واتخاذ قرارات سرعان ما نتراجع عنها، ولا نعبأ بذلك، فلن تكلفنا سوى بضعة ملايين. من الطبيعي أن تسعى أندية القاع للهرب بأي شكل من المصير المحتوم، وأن يتطلع أصحاب الوسط إلى منطقة أعلى، ولكن على الجميع وسط كل ذلك أن يدركوا أنهم قدر ما يحصلوا، يفقدون.. يفقدون من رصيدهم، فهم من اختار من البداية، ولو أحسنوا الاختيار، ما كانت تلك النهاية. أشك في أن ستة أندية لن تدخل صراع «المركاضو»، في دورينا علمتنا التجارب أنه لا مانع من التغيير دفعاً للملل و«ليش تقعد ساكت طالما أنك تستطيع التغيير». كلمة أخيرة: أخشى يوماً أن يتجه الباحثون عن اللاعبين إلى «ميركاتو» شاطئ جميرا، للتسوق، وأن نرى اللاعبين في «الفتارين». mohamed.albade@admedia.ae