رجال الدين، ولا رجال دين في الإسلام، لكنهم استمرؤوها كسلطة إلهية، فصابهم إسهال الفتاوى، وأصبحوا الأكثر حباً للتفسير، وليتهم يقولون لا نعرف، فقد كفى بالواحد منهم أنه أفتى، حتى أنهم يسقطون في وحل التفاسير، ويظهر سوء علمهم، وباطل حكمتهم، وجهلهم المفضوح، خاصة حينما يدخلون في تفسير الظواهر الطبيعية، ولنأخذ مثالاً الزلازل: فقد ظهر مرة خطيب جامع طهران «آية الله كاظم صديقي»، واضعاً لوم وقوع الزلازل في العالم على النساء، وعلى تبرجهن، ومحاولة إغواء الرجال، خاصة ما يشددن به صدورهن، وما يضيقن به ملابسهن، وما يظهرن به عوراتهن، وما يصيب إيران من زلازل دائمة مبعثه تشبه الإيرانيات بالفاجرات الغربيات، فقامت نساء العالم تحركهن جمعيات الدفاع عن المرأة وحقوقها بتجييش نساء أميركا وأوروبا بأكبر تظاهرة نسائية عبر التاريخ، في استعراض صدورهن العارية، رافعات بذلك درجات جهاز ريختر لقياس الزلازل، ومسببات انبعاثاً حرارياً، نكاية في «آية الله كاظم صديقي». ومرة حضرت لرجل دين سني متخصص في طبقات الأرض محاضرة، فأدعى أن وقوع الزلازل سببها ارتكاب الإنسان المعاصي، وأنها تأتي عقاباً من الرب، متخلياً عن معرفته بعلم الجيولوجيا، وما يحدث من تصدع في طبقات الصخور، وقال: إن أول جزيرة ظهرت فوق الماء هي أرض مكة التي نمت وصارت قارة، ثم بدأت تنزاح إلى سبع قارات، مركزها مكة المكرمة، وقال إن الزلازل التي تحصد آلاف القتلى والجرحى وتشرد وتهجّر الكثيرين، هي من أعظم جنود الله، وهي عقاب للعاصين، وابتلاء للصالحين، وعبرة للناجين. ولو رجعنا لبعض الأحاديث التي يتكئ عليها مثل هؤلاء الناس في المذهبين السني والشيعي، سنجد أن الأرض إما على قرن ثور أو كما في الكافي للكليني «علي بن محمد عنْ صَالِحٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ: إِنَّ الْحُوتَ الَّذِي يَحْمِلُ الأرْضَ أَسَرَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمِلُ الأرْضَ بِقُوَّتِهِ، فَأَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ حُوتاً أَصْغَرَ مِنْ شِبْرٍ، وَأَكْبَرَ مِنْ فِتْرٍ، فَدَخَلَتْ فِي خَيَاشِيمِهِ فَصَعِقَ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْماً، ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَءُوفَ بِهِ، وَرَحِمَهُ وَخَرَجَ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ بِأَرْضٍ زَلْزَلَةً بَعَثَ ذَلِكَ الْحُوتَ إِلَى ذَلِكَ الْحُوتِ، فَإِذَا رَآهُ اضْطَرَبَ، فَتَزَلْزَلَتِ الأرْضُ». والعجب أن نجد في مناهج التعليم للطلبة العرب والمسلمين في بعض البلدان العربية في مادة الجيولوجيا للصف الثاني الثانوي في موضوع الزلازل والبراكين «أنها من جند الله التي يسخرها عقاباً للمذنبين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين..» وفي منهج الجغرافيا للصف الأول الثانوي في وصف الكوارث الطبيعية نقرأ: «ولا ريب أن هذه صورة من صور العقاب الرباني لأمم كافرة أو أمم مسلمة خالفت منهج الله وابتعدت عن طريقه»! amood8@yahoo.com