مر اعتزال اللاعب ناصر خميس مرور الكرام، وكأن شيئا لم يكن.. وكأنه ضيف عادي في ملاعبنا.. اعتزال قبل عقد ونصف، وهو في بداية الثلاثينيات، ولعب مباراة اعتزاله اليوم، وهو بعمر يقارب الخمسة وأربعين عاماً علما بأن اللاعب نفسه حين اُستدعي للمنتخب للمرة الأولى في عام 1986 أثار ضجة كبيرة حينها، فلم يكن يعرفه الشارع الرياضي بعد، وكان عائداً من العلاج في الخارج بسبب قدمه التي حين تراه يركض بها من دون كرة تتساءل كيف سيلعب هذا اللاعب، ولكنه كسر التوقعات وكان نجماً فوق العادة، وقاد الوصل في أجمل أيامه، وشارك مع المنتخب في خمس بطولات لكأس الخليج وبطولتي كأس آسيا.. ناصر لم يكن لاعبا كثير الحديث خارج الملعب، ولم يثر جدلاً يوماً ما، ولم يرتكب أي خطأ أو سلوك عوقب عليه طوال مسيرته.. ترك لغيره الضوضاء والاعتراض واستغلال نجوميتهم في تلبية طلباتهم، وبات هو في الظل رغم كونه أكثر منهم مهارة وانضباطا ومواظبة في تأدية واجباته، اختار ترك اللعب بهدوء ولم يقم مثل غيره بهجر ناديه أو مهاجمة إدارييه، بل استمر في تقديم رسالته وحبه للكرة من خلال قيامه بالتدريب في مختلف المراحل السنية بالنادي. من يتذكر أهداف «الأبيض»، عليه أن يتذكر من قدم للهدافين الكرة.. ومن يريد أن يمنح هدافي الوصل الأوسمة والألقاب، عليه أن يذكر كراته وتمريراته، فهو لاعب كرة قدم حقيقي.. عيبه الوحيد أنه لم يكن وصولي أو متسلق أو كثير الطلبات، فهذه الصفات تجعلك تتنازل عن حقوقك وتسلب منك حصتك من التكريم.. فخرج مهرجانه هكذا في يوم عادي وفي ظروف هادئة. «مساكين» هم من يتصفون بأخلاق وخصائل هذا اللاعب فهم في ملاعبنا كثر.. قدموا.. ضحوا ولعبوا وجف العرق من جيبنهم ولم ينالوا حتى كلمة شكراً.. فكم هم الذين غادروا ملاعبنا وطواهم النسيان من دون حتى تلويحة وداع، وكم هم الذين اعتزلوا ولم يحصلوا على باقة ورد، ذهبوا إلى بيوتهم وأكملوا حياة ما التقاعد وكأن شيئا لم يكن. كلمة أخيرة لأنهم لا يحبون الحديث ولا يجيدون كسب حقوقهم، فتظلمهم الحياة بأن تركنهم على الهامش.. فيختارون الصمت ويبقي ما في القلب في القلب، فهكذا هم الطيبون دائماً على أمرهم مغلوبون.