أينما يوجد دجال ومشعوذ يوجد هناك فيض من الجهل، فما بين اليقين والوهم يوجد شيطان الجهل، يوجد كائن طفيل يعبث في مستنقعات وأوحال.. وعي الإنسان هو الطريق إلى الحل وهو الطاقة الإيجابية التي تمحو آثار الشعوذة والدجل والجدل الغيبي، ولا يمكن لمجتمع أن يتحرر من صهد الأغلال التي يفرضها الدجالون إلا إذا تخلص من عهن ما ترتكبه الثقافة من تعلق بالوهم وتصديق للخرافة وتشبث بكائنات بشرية أخذت على عاتقها الخداع البصري وتمرست في بث نوازع الخوف في نفوس السذج.. فالدجل لا ينمو إلا في محيط الخوف العصابي، وهذا المرض لا تتعيش إلا في وسط شرائح عجزت عن لمس الحقيقة العلمية، وتقاعست عن فهم ما يدسه الدجال من أفكار طلسمية، شبه زئبقية تضع المرضى فرائس لتنويم مغناطيسي ينفذه فرسان الدجل بصرامة ودقة، فلا يمكن أن تحارب الدجال من لم تستطع أن تقوم بحملة توعية ثقافية تضع الحقائق العلمية واضحة وجلية أمام الناس أجمعين.. فعندما تعقم الثقافة ولا تستطيع تقديم الحل الوجودي للإنسان فإنه لابد وأن يقع فريسة غلوهم، ولابد وأن يطارد هذا الوهم بيد ساحر فتاك اقتنص الفرصة فهاجم العقول في ساعة غفلتها وغفوتها. فمنذ البدء والإنسانية ترفع أسئلتها باتجاه الكون وكل ما يتعلق بالحياة، وعندما لا تجد النور فإنها تغط في الظلام، وفي الظلام يسكن شيطان الدجال، هناك تبدأ الجريمة النكراء، هناك يبدأ فك الرموز المبهمة بأعمال السحر والشعوذة، ولا يستطيع من وقع فريسة هذا «الإرهابي» أن يتملص من قبضة الوهم، ولا يملك إلا أن يتقمص شخصية مازوخية، ملتاعة منصاعة، ضارعة خاشعة أمام يدي كائن كذاب لا يملك غير الوهم ولا سواه، ولا تترهل ثقافة المجتمعات ولا تصاب بالشروخ إلا عندما يصاب أهلها بالتقاعس والتخلي عن دورهم التنويري.. المجتمعات العربية تحتاج إلى ضوء كاشف يجل ظلام الجهل.