وأنا أنقل انطباعاتي المختلفة التي أحاول من خلالها اكتشاف المكان وقراءة طبيعة الناس في تايلند حيث أقضي عدة أيام، كتب لي مهاجر عربي يسكن منذ سنوات طويلة في سويسرا، يعرض علي أن يكون دليلي هناك إذا فكرت في أي يوم بزيارتها، كانت لغته العربية تعاني الكثير من الضعف على ما يبدو من كتابته وقد عرفت أن طول مكوثه هناك هو السبب، لكنه على الأقل كان يحاول قدر إمكانياته، طبعاً شكرته وثمنت مبادرته اللطيفة، وذكرت له أنني سبق أن زرت سويسرا، فأخذ يسألني ليصل للنتيجة التي كان قد رتبها سلفاً في ذهنه عن العرب حين يسافرون للسياحة! سألني عن عدة مدن في سويسرا، وعن عدة معالم وقلاع ومهرجانات ومقاطعات وقصور وقرى، لم يبد أنني سمعت بها أو مررت بها في تلك الزيارة اليتيمة لسويسرا، ويبدو أن إجابتي شجعته ونفخت في روح حماسته أكثر مما يجب، شرح واستفاض وأرسل الكثير من الصور، لكن ما لفتني أنه سجل مجموعة من المواقف كان هو الشخص الذي يقدم يد المساعدة وبمنتهى الأريحية وطيب الخاطر، بينما الأسر الخليجية تتلقى مساعدته من دون أدنى كلمة شكر، بل وتبادره بالإساءة كما ذكر، وهم في كل حكايات الرجل، تائهون لا يعرفون إلى أين يذهبون على وجه التحديد، لقد صادف نساء حائرات في الطريق إلى جنيف وعائلات لا تعرف وجهتها في القطار المتوجه إلى لوكارنو، لفت نظري كثيرا إصراره على انه (لم يجد منهم حمداً ولا شكورا)، فالجحود لم يكن يوما جزءاً من منظومة أخلاق الناس في هذه المنطقة، فتعجبت من إصراره على تكرار هذا الوصف!! كما كان مصرا على أن الخليجيين يذهبون إلى أوروبا لتجلس نساؤهم في المطاعم أو الحدائق لتناول الطعام والثرثرة لا أكثر، من دون أن يعرفوا أو يروا شيئا من البلاد التي ينزلون فيها، لقد وجدت الرجل مبالغا ومتجاوزا الحق أكثر من اللازم، فلقد تحرر معظم الناس في السنوات الأخيرة من الصورة النمطية المتداولة عن الإنسان الخليجي الذي لا يمتلك أبجديات السياحة والسفر للخارج، اليوم ومن مشاهدات واقعية لا يترك الشباب وحتى الأسر الخليجية مكانا من دون أن يزوروه ويتعرفوا عليه ساعدتهم التقنية ومواقع السفر والخدمات السياحية على هذا الأمر، ربما لم يتصالح العدد الأكبر منا مع ثقافة المتاحف والفنون لأسباب ثقافية، لكن عدا ذلك فهناك وعي سياحي واضح تجاوز مرحلة قضاء الساعات الطويلة في الهايدبارك لشرب القهوة وتجمعات النساء والثرثرة!!!