من خلف ستار، من تحت غبار، وبعنف سعار وأُوار، تأتيك الأخبار عن كائن شبه بشري يسري بين ضلوع الناس ويخطف روحاً ويدمي جروحاً ويهتك عرضاً ويمضي مضضاً، يحرك في الدماء ما يستفز ويحفز اللواعج ويؤكد من جديد أن الصديد ينز من عقول أصابها الأفول، وأن الحياة بالنسبة لهم قاتمة ما يجعلهم يحيقون بالعباد والبلاد وينشرون الشر مثل آفة شاعت وتفشت وملأت الأرض فساداً واستعباداً. من خلف خمار أسود تتمدد أساطير الذين يريدون أن يعبثوا ويشوهوا ويسوفوا ويتعسفوا وينسفوا الثوابت والضوابط، يريدون أن يعيدوا البوصلة التاريخية إلى زمان الحرمان والطغيان وفساد الطبيعة وكساد الحياة وظلام العقل وظلم الأفكار. ونقول هل من عاقل رشيد يحدد مستوى هذا الضجيج الذي ملأ رؤوس جماعة «بول بوت» في القرن الواحد والعشرين، جماعة ضلت الطريق وضللت واستظلت بسقوف خفيضة داكنة، عابسة يابسة، يائسة، كل ما تريده هو إعادة الحياة إلى ما قبل التاريخ وتحريك العجلة إلى الوراء تحت ذرائع وحجج واهية متداعية، ساعية إلى تحطيم الثوابت الإسلامية الحقة وامتطاء ظهور نوق جرباء عرجاء، لا تؤدي إلى وصل مع الحقيقة ولا تقدم حلاً لعلاقة الإنسان بالإنسان.. فعندما يرتكب إنساناً جريمة بحق إنسان، فاعلم أن خلف الجريمة يسكن شيطان أخرس، أعلم أن خلف الجريمة يختفي كائن بشري أسكن ضميره مساكن قمامة التاريخ.. عندما يفكر كائن بشري بالفصل بين عرق وعرق أو دين ودين أو لون ولون فاعلم أن وراء هذا التفكير عقل مصاب بالبارانويا وأن المرض الذهاني ضارب أطنابه في العمق العميق من الشخصية، فالقتل إرهاب، والإرهاب عصاب بشري يصاب به الدونيون ومرضى مركبات النقص.