بريق الدراما المحلية لازال يثير التساؤل، وأحيانا الحيرة، حين لا يوظف النسق الثقافي حسب مكانه أو بيئته، أو حين لا تنطق اللهجة المحلية على طبيعتها، وتعاني حتى في محيطها، فلهجة الشرق ليست كلهجة الغرب.. وهنا يكمن الخلل الواضح في صميم المنتج المقدم، وتحديدا في الظهور العام الذي يعكس واقع المجتمع وحراكه الثقافي. فمن منظور الدراما المحلية، من المفترض أن تتلازم الرؤى وتتلاحم لتمثل صورة مكونها المحلية، وهذا هو جوهر الدراما ذات الصلة بالمحيط الجغرافي.. ولكن لماذا تتأزم المحلية هنا؟? تنبئنا الدراما المحلية بأن لهجتنا باتت نادرة، ولا تشعر بكيانها رغم جماليتها، وهي مستنبطة أصلا من اللغة العربية كسائر اللهجات المحلية العربية، ولها ما تكتسبه من خصوصية، وهي تمتزج في كيان متقارب وتختلف دائما ضمن دلالة لغوية مثيرة للمعرفة، وهذه هي البصمة الثقافية التي تمتع المتلقي فنيا، ولكن يصعب فهمها بالمسلسلات المحلية حين لا شيء يدل على حالة ثقافية بعينها?. وبعد أيام قلائل ستقف الدراما المحلية من جديد أمام المشهد، وهي مرتكزة على الماضي من التراكمات الفنية والثقافية والخصوصية الرمضانية التي باتت تجر المشاهد إلى عمل سنوي منتظر. فرمضان ليس مجرد مساحة زمنية لعروض الدراما التلفزيونية، فهذا الشهر الفضيل له دلالات اجتماعية وعائلية، وبالتالي بات العرض الدرامي هو جزء من السياق العام بما يطرأ عليه، وهو كثير. وحين تنحو الدراما المحلية الى من يتحدث اللغة العربية باللهجات الأخرى، فذلك يعتبر عملًا فنياً غير محبب كونه يسيء إلى شريحة ممن لا يتكلمون اللغة العربية، وربما تحبط محاولتهم في تعلم اللغة العربية الصحيحة.إن هذا الاستهزاء نابع من تقليد مسلسلات أوروبية وأميركية أخذت هذا المنحى من خلال شخصية هندية مثيرة للضحك حينما تتحدث اللغة الإنجليزية مثلا، أو من خلال شخصية مكسيكية أوقعتها الدراما الأميركية في هذا المضمون?.إذن، فمعاناة الدراما المحلية تسبق حضورها وتجسدها بالصورة الماثلة من غير إخضاعها للدراسة، أو تحديد مسارها من خلال مركز وطني متخصص، ستظل ذات نصوص متفاوتة القيمة، وأداء متوسط، وعبث في القيم والموروث الثقافي. نعم هناك نجاحات في مسار الدراما المحيلة، ولكن ما نصبو إليه هو إعطاؤها مكانتها التاريخية.      ? ?