والله النشبه يوم يعزمك صديق لبناني مع زوجته مرحبين بك، وبسهيله في أرض لبنان الشقيق، وطبعاً اللبنانيون يعزمونك في مطاعم من أجل راحة الجميع، وهذا أول احتجاج من سهيله، فكان جوابي: «أن الرجال ما يريد يتعب حرمته في الطبخ، والنفخ، وغسال الوعيان، شوفي بس «منيكوور» أصبوعها، هاي وحده مال مجابل مطابخ»، فما كانت منها إلا تلك النظرة الحقودة التي أعرفها! «يا سهيله.. وين تحسبين عمرك في العين، وخطّار، ورفجة عرب أحشام لتهبشون، هيدا لبنان يا دلّي». «دلّوك في طوي، وخرّ بك رشا». «أسمعي.. ترا هيدا الحكي كتير سوفاج هون، خليه يوم ترجعين عند أهلك، وخليك مع المدام».فتبسمت بحموضة، وكأن الكلام لم يعجبها، فقلت بدأ «الحك، صك» من الآن، تحمل، فمازحتها، اتقاء لشرها: «وآه.. ها يوم أيون أبوظبي، تعزرين عليهم بذبائح، وصواني ما يروزها فنتير، خليك أتيكيت، فاهمة، تراهن مب مثل حريمنا، شغل بلاليط وبيض وسمن وشكر، رباعه، هاذيلا ما يقهرن، أدناة الدون بتتوجع الآدمية من معدتها»، سهيلة كانت تسمع هذاك الكلام، وصادّه عني بِرّد، وقترّ، تتحسبها مهتمة للموسيقى التي تصدح في أجواء المطعم، وتبتسم للزوجين الودودين اللذين يشبهان عصفوري الحب، وهو حرج ما بعده حرج، خاصة حين يمدح زوجته قدامك، وأنت تتحكك، تريده يغير الموضوع، لكنه يزيد من مجاملته، وتجمله لها، وأنه ما فيه منها بالدني، وأنت رقبتك تصلى عليك، وتصلّ من العرق، ولا تفكر أن تمتدح سهيله، خاصة قدام الغُرب، ولو كانت من المجاهدات في فتح خيبر، والصديق اللبناني يظل في كل لحظة وحين يتودد لزوجته، ولو فعلتها مع سهيلة مجاراة لهما، فستتعجب منك، وبتطالعك بطرف عين، وستعتقد أني ناوي على شر هذه الليلة، وستلجمك بعبارتها: «خلّ عنك هالتميليغ»! واللبناني إلا يادلّي، يا روحي، يا ألبي، وأيه شيري، وبتؤمري شيري، ونحن كلمة غناتي، وفديتك، ونوقّف، حتى شكلها غلط في ليل بيروت، وتخابثت على سهيله أريدها تشاركني حواراً رومانسياً، وسألتها: «يمكن شيري أسم الدلع لحرمة صديجنا» فردت بسرعة: «لا يا الفاهم، هاي شيري، يايه من الشيره، فيقوم يدلعها بالعامي مالهم، بدال ما يقول يا حلوتي مثل مسلسلاتك المترجمة، وإلا يا حلاوه بالمصري»! فعجبت من سرعة بديهتها، وجاريتها:«عيل الفرنسيين خذوها من الشكر»! فضحكت:«هيك شي»! فدهشت: «عجيب.. سهيله صنع في لبنان، عيل هيك شي»! وتمادت سهيله، ودارت عليّ: «مونا مور.. ما بدك بعد العشوه، انكسدر إلنا شي كسدوره»!