بعيداً عن شلالات دم تزخر بها النشرات الإخبارية، ومعارك كسر العظم بين قوى متناحرة على السلطة في العديد من بلدان العالم الثالث، توقفت أمام تقرير لصحيفة «الديلي أكسبرس» اللندنية عن «القطة الغاضبة» التي درت على صاحبتها ثروة طائلة. ولا شك لو أن القطة لم تكن غاضبة الملامح لما لفتت الأنظار إليها، بعد أن وضعت مالكتها لقطة «القطة الغاضبة» على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عامين دون أن تتوقع الصدى الذي تركته وحجم التفاعل الهائل معها، لدرجة أنها حققت خلال عامين ما لم تتوقعه صاحبتها في أكثر أحلام الخيال جموحاً، وأشد اللحظات تفاؤلاً، فقد درت عليها ما يزيد على المئة مليون دولار من جراء استخدام صورتها واسم قطتها «تارداد صوص» على مجموعة كبيرة من المنتجات، فضلاً عن كتب حققت أعلى المبيعات، وفيلم سينمائي. وقامت تاباثا بوندسن صاحبة القطة بالتخلي عن وظيفتها كنادلة في أحد المطاعم، للتفرغ لإدارة الثروة التي هبطت عليها وتوظيف عشرات الملايين من الدولارات في حسابها لزيادة الاستثمار في قطة باتت نجمة على شبكة الأنترنت، ومواقع التواصل، بعد أن تجاوز عدد متابعيها 900 ألف متابع على «تويتر»، و«انستجرام». قد يرى البعض في هذه القصة لقطة من لقطات مجتمعات الرفاهية التي يعيشونها هناك، واهتماماتهم المحدودة، وإفراغ عواطفهم على الحيوانات، وكل ما يردد عن نمط الحياة في الغرب، غير مدركين لطبيعة الحياة القاسية هناك، والتي تتطلب من الجميع العمل الجاد والشاق للعيش الكريم، كصاحبة هذه القطة التي كانت نادلة تتنقل بين طاولات المطعم، وساعات دوام طويلة تمتد لأكثر من 10 ساعات يومياً. إلا أنني أنظر للموضوع من زاويته الأوسع، إذ تكشف لنا القصة مقدار احترام حقوق الآخرين والملكية الفكرية، ففي الوقت الذي نرى فيه أن نرى إرث المبدع العربي حياً، أو ميتاً مشاعاً عند البعض، يستبيحونه متى ما شاؤوا ووقتما أرادوا، نجد أن قوانين حماية حقوق الملكية في الغرب تضمن استمرار عائدات المبدع هناك حتى وإن غيبه الموت منذ سنين، فلا زالت ألبومات الفيس بريسلي ومايكل جاكسون على سبيل المثال تدر على ورثتهما ملايين الدولارات، بينما ودع دنيانا «الصبوحة»، وغيرها، وهم غارقون في البؤس.