لن تنفع دول الخليج ثرواتها ولا بترولها ولا غازها ولا مشاريعها العقارية ولا استثماراتها الداخلية والخارجية، لن ينفعها أي شيء إذا لم تكن يداً واحدة وعلى قلب رجل واحد، هذا ما يعرفه ويؤمن به كل مواطن خليجي، وقبلهم يعرفه قادة مجلس التعاون الخليجي الذين هم أكثر حرصاً على هذا المجلس وعلى مستقبله. عندما يجتمع قادة مجلس التعاون الخليجي في قمتهم الخليجية الـ 35 في الدوحة، فإنهم يجتمعون بعد أشهر صعبة ومؤلمة شهدت خلافات حقيقية هي الأولى من نوعها في تاريخ المجلس بهذا الحجم وبتلك القوة، وبذلك المستوى من الاختلافات في وجهات النظر والمواقف وفي تقييم الأمور التي تجري في المنطقة وحولها، وفي طريقة التعاطي معها والتعامل معها.. وبلا شك أن الاختلاف أمر وارد، وفي بعض الأحيان يكون أمراً صحياً، ولكن يبقى للخلاف حدود أما الاتفاق فيجب أن يكون في الخليج له آفاق واسعة بلا قيود.. ولقد آن الأوان أن نقول «يكفي ما جرى»، وأن نضع مصلحة هذه الأرض ومصلحة شعوب المنطقة أمام أعيننا، وأن لا تنتهي هذه القمة إلا وطويت صفحة الماضي نهائياً.. فمصلحة دول المنطقة وشعوبها تقتضي أن تتوحد الرؤى، خصوصاً في مواجهة الأخطار الواضحة، كما تقتضي أن تسير الدول قدماً نحو مستقبل ثابت على أرض صلبة في محيط تتقاذفه أمواج التخريب والتغيرات غير المنطقية ويزداد فيه عدد المتربصين والمحرضين. المصالحة الخليجية بتنفيذ اتفاق الرياض أراحت الشعوب وهدأت الخواطر والنفوس على الرغم من وجود بعض من لم تهدأ نفسه أو تقر عينه بعد لتلك المصالحة، وهؤلاء بحاجة إلى أن يعيدوا النظر حولهم، فالقرار الخليجي واضح والاتفاق لا رجعة فيه، ومصلحة دول مجلس التعاون الخليجي وأمنها واستقرارها واستقرار المنطقة لا جدال عليه ولا اختلاف. لذا فإن القمة الخليجية التي ستعقد اليوم، يجب أن تضع نصب عينيها التحديات الكثيرة التي تواجه دولها سواء كانت تحديات أمنية أو سياسية أو اقتصادية، وعليها أن تضع خير وأمن شعوب المنطقة ومستقبلها نصب عينيها، وأن تدرك أن الشعب الخليجي خياره واضح، وهو استكمال مسيرة مجلس التعاون والوصول إلى الاتحاد الخليجي الذي سيكون في مصلحة دول وشعوب المنطقة.. وهذا الأمر لن يكون إلا بالاتفاق، وربما بتقديم بعض التنازلات. أما أمن المنطقة واستقرارها، فهو الخط الأحمر الذي لن نسمح لأي طرف بأن يتجاوزه وهو أولوية قصوى.. ولا يخفى علينا أن استقرار المنطقة يبدأ باستقرار مصر، واستقرار مصر يبدأ بدعم الشرعية فيها وعدم إثارة الخلافات بين أطيافها، بل دعم كل ما من شأنه جعل الأمور تسير بشكل هادئ وسلس وصحيح في أرض الكنانة.. وبالتالي مساعدة الحكومة المصرية في عبور المرحلة الحالية بأقل الأضرار والخسائر.. وهذه مسؤولية يمكن أن تتحملها دول الخليج مجتمعة. أما الإرهاب الذي يحوم حولنا، فيجب أن لا نغمض أعيننا عنه ولا نتجاهله، فقد أصبح ـ وللأسف الشديد- واقعاً نراه كل يوم، ولم يعد كافياً أن تتم مواجهته بالبيانات والخطابات، فمواجهة الإرهاب تتطلب شجاعة كبيرة وعمل الجميع وبشكل جاد.. ومن يعتقد أن الإرهاب لا يعنيه فعليه أن يعيد حساباته ويعيد قراءة الواقع. ولنعمل كما عمل الآباء من أجل أن يبقى خليجنا واحداً وشعبنا واحداً.