دخل المعلم إلى الفصل بصورته الصارمة جداً وبهيئته المثيرة للخوف في نفوس التلاميذ، تركهم وقوفاً للحظة لحين اخترق صمت غرفة الدرس صوت مدير المدرسة آتياً من سماعة مكبرة ثبتت أعلى اللوح الأسود، حيا المدير التلاميذ ودعاهم بصوت آمر أن ينتبهوا تماماً لمعلميهم فاليوم سيتلقون دروساً مختلفة تتطلب انتباهاً دقيقاً، انتهى أمر المدير سريعاً وحاسماً، فجلس الطلاب سريعاً بإشارة من يد المعلم الذي تناول بخفة إصبع طبشورا وكتب على اللوح (2+2=5) ونظر إلى وقع المكتوب على وجوه التلاميذ الصغار!! تفاوتت التعبيرات لكن أغلبهم بدا مستسلماً للهيئة الصارمة للمعلم، ثم كرروا وراءه ما أمرهم وما كان مكتوباً على اللوح اكثر من مرة وبصوت مرتفع، سوى طالب واحد وقف ليقول إن ذلك غير صحيح وان 2+2=4 وليس 5، لأن هذا هو المنطق وهو ما تعلموه، لحظتها أمره المعلم بأن يكرر وراءه المعادلة لأنه هو من يقرر وليس التلميذ، ومع صراخ المدرس استسلم الطالب، وأخذ المعلم مزهواً يرفع صوته بالعبارة إلى أن وقف طالب آخر وقال هذا خطأ، فناداه إلى اللوح ومسح النتيجة وأعطاه الطبشور وقال له اكتب بيدك النتيجة التي أقولها لتثبتها في مخك، فتوقف ولم يقو على أي فعل! فتح المعلم الباب ونادى مجموعة من التلاميذ وقال للتلميذ المسمر عند اللوح اسمع أذكى ثلاثة طلاب في المدرسة ماذا يقولون، سألهم 2+2 كم يساوي فأجابوه 5، وسط استغراب الطالب، الذي سمع المعلم يقول للمتفوقين: لكن زميلكم يقول شيئاً آخر ويدعي انه يفهم اكثر من الجميع بمن فيهم أنا، ووسط السخرية وصرخة المعلم على التلميذ بأن يكتب الجواب، استدار التلميذ مواجهاً اللوح وكتب النتيجة: 4، لحظتها اخترقت جسده رصاصة أردته قتيلاً وطار دمه ملوثاً اللوح، حملوه وألقوه خارجاً، وأكمل الفصل بعد ذلك وبصوت عالٍ جداً 2+2=5، قيل لهم اكتبوا ذلك في كراساتكم، فكتبوا كلهم ما عدا واحد مسح الخمسة وكتب أربعة وهو يرتجف! هكذا تبدأ وتنتهي وتتطور كل الأمور في كل العالم عادة، تذكرت هذا الفيلم وأنا أرى الاحتجاجات الهائجة في منطقة بروكلين بالولايات المتحدة منذ عدة أيام!! فلا احد ولا قوة في العالم بإمكانها أن تقنع العقل بعكس الحقيقة طويلاً مهما أوتيت من مفاعيل القوة والعظمة، وهنا يعجبني مثل مصري على بساطته حين يردده فلاح أو صبي صغير فيقول (دا ربنا عرفوه بالعقل) بالعقل وليس بالإرهاب!