تلتئم اليوم في العاصمة القطرية الدوحة أعمال القمة الخامسة والثلاثين لقادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد أن هيأت قمة الرياض ظروف عقدها بفضل حكمة القادة وحرصهم على مضي سفينة التعاون في مسارها الصحيح رغم العواصف والأنواء المتجمعة في سماء المنطقة. ومن مهد المجلس، أبوظبي التي شهدت ولادته قبل 35 عاماً كانت مبادرات إعمال الحكمة لإنجاح جهود تعزيز مسيرة التعاون الخليجي لتجاوز عقبات وعراقيل ظهرت، وتسبب في تلبد سمائها بالغيوم. لقد كان قدر المجلس ومنذ تأسيسه أن تبحر سفينته وسط لجج من الصراعات والتكتلات الإقليمية، ونجح قادته بحكمتهم وحنكتهم في أن يمضوا به نحو مرافئ الأمان رغم دقة الظروف والمواقف في هذه المنطقة الحيوية من العالم التي تتقاطع فيها المصالح الدولية، وتعد شريان الاقتصاد والتجارة العالمية. تطور الخطر وأصبح محدقاً بالثوب الخليجي، مع ظهور قوى وأخطار تنذر بمخاطر جمة مع إصرار بعض القوى الإقليمية على أن تكون لها اليد الطولى في شؤونها، وهي تتدخل لتغيير الأوضاع في دول الجوار. كما أن وجود التنظيمات الإرهابية المنتشرة كـ «داعش» و«القاعدة» في العراق وسوريا واليمن أصبح يلقي بظلاله المباشرة على أمن بلداننا الخليجية. ومع كل قمة من قمم التعاون الخليجي، تتجدد الدعوات للجارة إيران للعب دور إيجابي في استقرار المنطقة لما فيه خير ورخاء شعوبها، بإظهار حسن النوايا مع جيرانها بإنهاء احتلالها لجزرنا الإماراتية المحتلة الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسي. وكذلك وقف تدخلاتها في البحرين وغيرها من دول الجوار، وطمأنة جيرانها بشأن برنامجها النووي الذي يثير كذلك قلق المجتمع الدولي. تتطلع أنظار شعوب المجلس إلى قمة الدوحة وسط آمال كبيرة بأن تكون بالفعل «قمة الفرحة»- كما قال الأمين العام للمجلس الدكتور عبداللطيف الزياني، وأن تُفرح قراراتها أبناء المجلس لتؤكد أن «خليجنا واحد»، وتعزز لبنات البيت الخليجي الواحد بالمزيد من النتائج والخطوات التي تقطع الطريق على كل من يحاول النيل من وحدة المسيرة الخليجية، وزرع الشقاق ووضع العراقيل والعقبات أمام طموحات وتطلعات شعوبنا في هذا الظرف الدقيق الذي يتطلب تأمين البيت الخليجي من تبعات الحرائق من حوله، وفي مناطق غير بعيدة عنا.