في فرنسا، مسلمون ومسيحيون، وأجناس وأعراق وقفوا في صف واحد ترصه المشاعر العفوية ضد الإرهاب وضد قتلة الإنسان وهادمي البنيان والبيان، في المليونية أراد المتظاهرون أن يقولوا للقتلة نحن هنا، لن نخشى لومة لائم في قول كلمة الحق، ولن نهاب الإرهاب مهما أصاب وكشر عن نابه، فنحن هنا أصحاب الألباب الحية، أصحاب العقول النيرة، أصحاب القلوب الصافية، نحب فرنسا ونحب الإنسان أينما كان، لأنه الكائن الوحيد الذي كرمه الله تعالى على سائر مخلوقاته، وجعله وريثه في الأرض ليعمرها ويملأها حباً وسعادة. في هذه المليونية كان الصوت واحداً، لا للإرهاب لا للقتل لا لتسويف القضايا واللعب بالدين، فالإسلام الذي وصفتموه غلافاً لضغائنكم وحقدكم وجهلكم وعدوانيتكم، بريء من هذا العبث والعدوانية المريرة، الإسلام دين السماحة والعدالة، دين الحق والحقيقة، المتظاهرون الذين ملأوا شوارع فرنسا أرادوا أن يثبتوا للإرهاب وللعالم أن فرنسا بلد الحرية، بلد جان جاك روسو وعقده الاجتماعي النبيل، المتظاهرون خرجوا من بيوتهم تحت البرد القارس يهتفون لا للعبث، لا للعدمية، لا للعقل المستبد، ولا للأفكار المسبقة، لأنها مفسدة للعقل ودمار للبشرية وخراب للحضارة. المتظاهرون قالوا لا.. لا.. لا.. للموت، نعم للحياة، نعم للحب، نعم للسلام الإنساني الذي منه تشرق شمس السعادة وتسطع أقمارها. المتظاهرون رفضوا الموت حين تأبطوا أرواحهم، وساروا في الشوارع يرفعون الأيادي مغموسة بفضاء باريس وبليلها الجميل.. المتظاهرون لهجوا بالسلم والسلام وحيوا الإسلام، وناهضوا أعداءه والمزيفين والمتحذلقين، والأفاقين، ودعاة الشر المستطير.. المتظاهرون بالمليونية العالمية أكدوا أن السلام سيشرق رغم مكر الماكرين وخديعة المخادعين وجريمة المجرمين، لأن السلام أصل الوئام وحقيقة الأنام.