«الحب» عنوان كتاب مترجم للعربية يعود تاريخ تأليفه لأكثر من عشرين عاما ربما، مؤلفه أستاذ جامعي كان يدرس علم نفس السلوك في إحدى جامعات كاليفورنيا بالولايات المتحدة، وقد عثرت على الكتاب بالصدفة في مكتبة مدبولي أثناء زيارة بعيدة جدا للقاهرة، لكنني قرأته بشغف وأعدت قراءته مراراً، وكتبت حول أفكاره العديد من المقالات كما دارت حول تلك الأفكار الكثير من نقاشاتي مع أعز الأصدقاء، وبالرغم من ذلك فالكتاب لم يفقد ألقه بالنسبة لي، وكلما أعدت ترتيب مكتبتي وحتى حين انتقلت إلى منزلي الجديد كنت حريصة على التيقن من أن كتاب «الحب» موجود ضمن مئات الكتب التي نقلتها، هناك كتب تشعر بنوع من الحميمية تجاهها، وتطمئن حين تكون في متناول يدك دائماً! الكتاب لا يشبه طوق الحمامة لـ «ابن حزم» ولا يتحدث عن درجات ومقامات الحب والمحبين والعشاق، لا علاقة له بهذا المنهج في طرح الحب، فالدكتور «ليو» اختار نافذة مختلفة ليطل منها على السلوك الإنساني من خلال الحب كشعور وعاطفة وسلوك، كان يؤكد في كل صفحات الكتاب على أن الحب هو كائن ينمو معنا بالتوازي، نحن ننمو بالحب ومع الحب، الحب كموجه ومرب ومقوم لسلوك الفرد والجماعة معا، الحب الذي جعله كأستاذ جامعي يشعر بجهله وعجزه عن فهم سلوك طالبته المتميزة التي أقدمت على الانتحار بشكل مفاجئ، ما دفعه لطلب إجازة مفتوحة امتدت لثلاث سنوات وبيع سيارته وشقته والسفر إلى الشرق بحثاً عن الحب ودراسته في بيئته الحقيقية! حين سأل طلابه عن أول ما ستنقذونه لو أن حريقا اشتعل في المبنى الذي يقطنونه مع والديهم وبعض الأصدقاء ورجل عجوز وامرأة مشلولة، فوجئ في كل إجابات طلابه أن لا أحد فكر في إنقاذ أحد، الجميع بلا استثناء فكروا في إنقاذ «أشيائهم» المادية، كرة القدم الثمينة، مضارب البيسبول، مجموعات الطوابع، القطة... لم يفكر أحد في والده أو الرجل العجوز، هذه ثقافة المجتمعات الفردية ذات النظرة الأحادية! ذهب للشرق باحثاً عن الحب وهناك انفتحت أمامه تجربة إنسانية لا حدود لشساعتها فكتب مؤلفه ذاك «الحب»!، حين وجد الناس يعيشون على أطواف من الخشب لشهور طافين على الماء وقت الفيضانات، لا يجمعهم سوى الحب، عرف أن الحب احتياج وخوف، وعرف أن الناس يمكنها أن تتعايش بالحب أكثر من أي شيء آخر!!