لم يشعر به أحد في البداية، ولم يطلق «العنابي» أو مسؤولوه التصريحات النارية التي تلهب الساحة الخليجية، ولم ينذر أو يحذر الخصوم والمنافسين، ولم يلتفت إلى الترشيحات المسبقة، وظل يعمل في هدوء وصمت، حتى تجاوز الدور الأول بثبات، وفي نصف النهائي بدأ يكشف عن نواياه الحقيقية، ويظهر مخالبه الفتاكة، فأقصى العُماني المنتعش بالفوز التاريخي على الأزرق الكويتي بالضربة القاضية، ولقنه درساً قاسياً ليتأهل إلى النهائي مع صاحب الأرض. ويمكننا أن نقول إن «العنابي» استفاد كثيراً من عثرات الآخرين، وحولها إلى مكاسب، وما أعجبني أكثر في العنابي أنه لم يهب أحداً، ولم يقم وزناً للتاريخ أو الجغرافيا، وتعامل بواقعية مع كل مواجهة، حتى حصل على ما أراده، وحقق النجمة الثالثة له في تاريخ البطولة. وبعيداً عن البطل والوصيف يمكننا أن نقول إن كل من شارك في «خليجي 22» خرج ببعض المكاسب قبل دخول أجواء كأس آسيا، ففي حالة الأبيض الإماراتي بطل النسخة الماضية، وبرغم حصوله على المركز الثالث إلا أنه كان بطلاً غير متوج، وصفق له الجميع، على الأداء والنتائج، ولم يخذل محبيه حتى اللحظة الأخيرة من البطولة، وكانت تلك البطولة فرصة نادرة للجهاز الفني كي يضع بعض النقاط على الحروف بالنسبة للبطولة الآسيوية، كما كانت مقياساً نسبياً لبعض التكتيكات، والتشكيلات، والقراءات والتصورات، والتي بالتأكيد سوف تضاعف الحافز لدى اللاعبين في البطولة القارية، وتضرب لهم موعداً مع الإجادة في أستراليا يناير المقبل. وبالنسبة للعُماني، فإنه وضع قدمه على الطريق الصحيح بالرياض، أما فيما يخص الكويت، فقد كانت البطولة هزة قوية لثوابته التي بنى عليها حساباته. وفيما يخص اليمن الذي لن يوجد في آسيا كانت مشاركته تاريخية، أما البحرين، فربما كانت البطولة مسرحاً لظهور مدربه المواطن المجتهد مرجان عيد، ولكن منتخب العراق بطل النسخة الآسيوية قبل الأخيرة، فقد كانت له بمثابة ناقوس الخطر الذي دق قبل فوات الأوان. وللرياض أقول شكراً، فقد نجحت في استضافة الأشقاء، وأكرمت وفادتهم، حافظت على روضة الخليج وارفة، خضراء، فتية، أبيّة على الذبول. كلمة أخيرة المكان الوحيد الذي يأتي به النجاح قبل العمل هو القاموس. محمد البادع Mohamed.Albadea@alIttihad.ae