لا يكاد يمر يوم دون أن تطالعنا أخبار جناح الجو لهذه المديرية أو تلك من مديريات الشرطة في الدولة، بخبر عن إنقاذ سياح ضلوا طريقهم عند رؤوس الجبال في المناطق الشمالية أو الشرقية من الإمارات أو العثور على آخرين فقدوا في الصحاري هنا وهناك. جهد كبير لهذه الأجنحة الشرطية، وهي تقوم بدور إنساني متميز، ليس على هذا الصعيد فحسب، وإنما وهي تشارك في مهام طارئة لسرعة الوصول إلى أفراد وجماعات تقطعت بها السبل أو شخص بحاجة إلى نقل سريع وإخلاء طبي إلى المستشفى المتخصص الذي يحتاج إليه. هذا الواقع الذي تضطر معه مروحيات جناح الجو الشرطية للتدخل السريع هنا وهناك، بحاجة لمراجعة ومعالجة تنطلق من النمو السريع لقطاع السياحة في الدولة الذي يشهد توسعاً وإقبالاً، تحتل فيه رياضة تسلق الجبال مكانة متقدمة في البرامج السياحية، ناهيك عن الإقبال الذي تشهده هذه الرياضة من شرائح واسعة من المواطنين والمقيمين. ولعل أولى متطلبات المراجعة المطلوبة، وضع خرائط للمسارات الجبلية المسموح بها، وكذلك الدروب المخصصة للسير في الصحراء، وتوزيعها على الشركات والوكالات السياحية، وتلك المنظمة لرحلات السفاري. فهناك بعض المسارات غير الآمنة، وتمثل خطراً على مستخدميها لأنها تكون من دون علامات محددة لاتجاهات السير. ومن يزور البلدان الأوروبية وغيرها من المناطق التي تزدهر فيها الرياضات الجبلية، تجد مسارات محددة، وخرائط تتاح لهواة هذه الرياضة في المكاتب السياحية، وعند المداخل. غياب مثل هذا التحديد يربك ليس فقط السياح والزوار، بل حتى أجهزة الشرطة التي تستنفر أفرادها للبحث عن المفقودين أو رصد بعض المتسللين الذين يستغلون الأمر للتسلل إلى الدولة ودخولها بطرق غير مشروعة، وبالذات في المناطق الحدودية، فالمسألة لها بُعد أمني أيضاً. ونحن نتطلع إلى إنجاز وزارة الداخلية، وبالتعاون مع هيئات ودوائر الترويج السياحي، مثل هذه الخرائط، نتمنى من هذه الجهات تكثيف متابعتها للأمر، ريثما يتم الانتهاء من تحديد المسارات الآمنة والمريحة للجميع، هواة وزوار وسياح وأجهزة شرطية على حد سواء. وتتيح لعشاق الطبيعة الاستمتاع بأمان بجمالها وهم يتأملون روعتها عند قمم الجبال الشم. وكل التحية والتقدير لجهود أجنحة الجو، وما يبذلون لأجل سلامة الجميع.