عندما يعود «الأبيض» إلى صورته الحقيقية تسود الفرحة أرجاء الإمارات، وتبدأ الأهازيج وتنطلق الاحتفالات، وأمس الأول كان الأبيض ناصعاً، خصوصاً في الشوط الثاني من المباراة أمام العراق، ونزل اللاعبون إلى الملعب، وكأنهم في تحدٍ خاص مع أنفسهم، فكانت المحصلة فوزاً صريحاً بهدفين وتأهل بجدارة إلى الدور نصف النهائي من الكأس الخليجية. ربما لم يكن الأداء مرضياً تماماً في الشوط الأول، ووضعنا أيادينا على قلوبنا في نفس الوقت، ونحن نشاهد لاعبي الأحمر العماني يتسابقون على تسجيل الأهداف في المرمى الكويتي، لم يكن أمامنا إذا أردنا الاستمرار في البطولة سوى تحقيق الفوز بأي طريقة، وبأي ثمن، كنا أمام خيارين، فإما الفوز والبقاء، أما أي نتيجة أخرى، فكانت تعني حزم الحقائب وشد الرحال، والعودة إلى الوطن. وبالفعل كان الأبيض شكلاً مختلفاً في الشوط الثاني، بل لنقل إنه كان الطبيعي، وما عداه كان الاستثناء، ظهر نجوم المنتخب كما عرفناهم، أجادوا وصنعوا وأمتعوا كل من كان في درة الملاعب السعودية ستاد الملك فهد، وكذلك كل من كان يتابعهم خلف الشاشات، وكان علي مبخوت هو كلمة السر، فسجل أحد أجمل أهداف الدورة، وألحقه بالهدف الثاني، وبصورة لا تقل روعة عن أهدافه الثلاثة السابقة في الدورة ليتربع على عرش هدافيها. وكم كان المشهد مؤثراً وملامساً شغاف القلب، وجماهير الإمارات تنطلق في احتفالية مميزة إلى فندق رؤساء الوفود، وتدخل إلى البهو الرئيس، وتحتفل بالتأهل وسط مشاركة مميزة واندماج تام واستمتاع كامل من قبل الجماهير السعودية والخليجية التي شاركتنا فرحة الفوز والتأهل. تحقق المهم والصعب، وتبقى الأهم والأصعب، وفي الطريق نحو الحفاظ على اللقب لابد من مواصلة الخط التصاعدي في الأداء، ولابد من معالجة السلبيات وتلافي الأخطاء، خصوصاً أن المرحلة القادمة لا مجال فيها للتعويض على الإطلاق، والخطأ مهما كان بسيطاً، فقد تكون عواقبه ضارة ووخيمة. وغداً عندما يلتقي أبيضنا مع الأخضر السعودي ندرك أن المهمة ستكون صعبة أمام المرشح الأكثر حظوظاً في الحصول على اللقب، وهو يلعب على أرضه ووسط جماهيره، متسلحاً بسجل حافل من الإنجازات والألقاب، وتاريخ مرصع باللآلئ والنجوم التي مرت على الخليج وآسيا، وستكون المواجهة الأهم واللقاء الأصعب، بين صاحب الأرض وحامل اللقب.