من أجمل الأفكار التي ظهرت في الإمارات منذ زمن بعيد، دعوة المغفور بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإحياء التراث بكل بيئاته البرية والبحرية. وبناء عليها عادت الأشرعة القديمة لتنهض وترتفع عالياً بيضاء أمام الريح، وتقود تلك (المحامل) القديمة، ولكن عبر سباقات يشارك فيها الكبار من البحارة، بعد أن هجروها أعواماً طويلة. حضر كبار السن وصغارهم للمشاركة بفعالية وفرحة كبيرة، وشهدت أبوظبي وسواحلها أعداداً كبيرة من الناس لمشاهدة تلك السباقات، بل إن سباقات زوارق التجديف كان لها نصيب كبير من المشاهدة والحماسة والتشجيع. وحماسية تلك البدايات أسست لظاهرة جميلة لا توجد إلا في الإمارات من دول الخليج، بل إن تلك الفكرة بلورت فيما بعد الكثير من الأفكار والمسابقات البحرية، القديمة منها والحديثة وكلها جاءت لتعيد للبحر أهميته وعظيم خيراته ونشاطه. ظهرت سباقات الزوارق السريعة الحديثة ثم سباقات القوارب الخشبية، وبعدها جاءت السباقات الفردية لأحدث الدراجات المائية، ثم المشاركة الخارجية بمتسابقين من الإمارات. ولعلّ أهم السباقات البحرية الكبيرة والتي امتدت منافساتها أعواما طويلة كانت عبر زوارق خشبية تسير بالأشرعة القديمة، ويقودها عدد كبير من البحارة قاطعة مسافات بعيدة من صير أبو نعير في وسط مياه الخليج العربي وحتى سواحل الإمارات. ذلك السباق الكبير (سباق القفال) أسس لسباق موسمي ينتظره البحارة وأهل البحر عاماً كاملاً يعدون له عدتهم بحماسة شديدة، وهو سينطلق في هذا الشهر أو القادم. يستحق البحر أن تكون له برامجه الخاصة، ليظل عهد الناس به ممتداً، ولتظل الإمارات باعثة للخير والفرح، ويتعلم الأبناء أهمية الاهتمام بالمصادر البيئية وضرورة العناية بها ورعايتها، سواء كانت هذه البيئة بحرية، أو صحراوية، أو جبلية أو زراعية، خاصة في المواسم والظروف التي تكون مهيأة للعمل والنشاط، حيث إن لكل بيئة فترة مناسبة يمكن استغلالها بصورة مثالية ومثمرة. هذا الأسبوع سوف تكون بداية الموسم البحري ونشاطه الجميل عبر فاتحة السباقات في أبوظبي، وعبر المحامل الشراعية فئة (60) قدماً، بداية ستكون مفرحة عندما تطير الأشرعة البيضاء فوق زرقة بحر الخليج العربي الذي نرجو من الله أن يكون شراعاً أبيض، وبشارة دائمة للخير والمحبة والعطاء والفرح، بعيداً عن الحروب والخراب والدمار الذي ينشره طائر الشر في منطقتنا.