لقد كانت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة للمملكة العربية السعودية بالأمس ذات معنى ودلالات عميقة وكثيرة، فلم ينتظر سموه صقور الإمارات وجنودها حتى يعودوا من أرض المعركة كي يقدم لهم كلمات الشكر والثناء، وإنما فاجأهم بلقاء في أرض المعركة في مواقعهم العسكرية وهم لا يزالون يرتدون ملابس القتال، كي يقول لهم: شكراً، ويقول لهم: إنكم رجال الوطن، وكُنتُم على مستوى المسؤولية، فلم تتأخروا عن تلبية نداء الواجب الوطني والعربي لذلك تستحقون التقدير. وقد جاءت كلمات سموه رسائل واضحة للجميع في منطقة الخليج والمنطقة العربية والعالم، فقد دعا سموه لليقظة المستمرة، والجاهزية، والاستعداد الدائم لحماية مكتسباتنا التنموية، وردع كل من يضمر الشر لمنطقتنا العربية، فلم يعد خافياً ما تتعرض له المنطقة من مخاطر، لذا أصبحت الدول بحاجة إلى عمل جاد ومستمر، وهذا ما أكده سموه حين قال إن «العرب في أمسّ الحاجة إلى التضامن والتكاتف والتآزر لمواجهة الأطماع ومختلف التحديات».. لقد كانت عملية عاصفة الحزم خطوة مهمة في تاريخ العرب الحديث، وكشفت عن أن العرب يمتلكون الإرادة والقدرة على حماية أنفسهم ومقدراتهم، وأنهم يمتلكون الرؤية والقرار لتنفيذ ما يخططون له... لذا أصبح من المهم اليوم استثمار نتائج هذه العملية لصالح الشعب اليمني، ولصالح شعوب المنطقة ومستقبلها، ووضع حد للمطامع الإقليمية والطامعين، وقص أظافر كل عابث بمشاعر الشعوب وأحلامها ومستقبلها، لذا فإن الخيار الذي يراه سموه في الوضع اليمني واحد ووحيد، وهو «الانتصار في امتحان اليمن لصالح منبع العروبة والمنطقة»... والإمارات كانت وستبقى إلى جانب الأشقاء لدفع المخاطر والتصدي لمختلف التهديدات ومساعدتهم على العيش الكريم. وهذا ما يجعلنا في الإمارات نضع قضايا أمن واستقرار المنطقة العربية في صلب اهتمامنا وأولوياتنا، وهذا الاهتمام ليس بالجديد، فهو نابع من إيمان قديم وراسخ لدى قيادة الإمارات بأن «الأمن القومي العربي مترابط لا يتجزأ وحمايته تتطلب إطاراً جماعياً، ورؤية مشتركة»، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال لقائه بالأمس في المملكة العربية السعودية بالقوة الإماراتية المشاركة في التحالف العربي. لقد بدأت الحرب على الحوثيين الانقلابيين بعاصفة الحزم من أجل إعادة الشرعية لليمن «بالحزم» بعد أن سد الحوثي كل أبواب ونوافذ وطرق «الحوار».. والتحالف العربي من أجل اليمن دخل حربه لينتصر، وقد حقق الأهداف من هذه الحرب ووضع الحوثي عند حدّه، ولكن هذا التحالف يدرك أن اكتمال الانتصار لن يكون إلا بإعادة الأمل للشعب اليمني الشقيق، وذلك من خلال عودة الشرعية التي «تضمن الانتقال إلى حكم مدني ينعكس إيجاباً على أمن واستقرار المنطقة واندماج اليمن في محيطه الخليجي أمنياً وتنموياً»، كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وكما أضاف «أن التحرك لإنقاذ اليمن لا يقتصر على الجانب العسكري أو الأمني، بل سيمتد إلى الجوانب التنموية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية»، هذه هي الرؤية الثاقبة للتحالف بقيادة خادم الحرمين الشريفين.. أما وقفة الملك سلمان بن عبدالعزيز الشامخة فستكون لها تأثيراتها على المنطقة، والتي اختصرها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في كلمات عندما قال إنها «سترسم المسار السياسي والتنموي في المنطقة لعقود قادمة».