هذه صفة المنافقين والكذابين والساديين والمجرمين الذين ينتحلون الحيل ويتدبرون الخدع، ويرصفون المكر من أجل تمرير أفعالهم المشينة وتصرفاتهم الدنيئة.. حرق الكساسبة لا يمكن أن يوصف إلا بالجريمة الشنعاء، والجريرة النكراء لأنه حتى وإنْ استند المدعون إلى أنهم في حرب مع الآخر، فإن الطيار الأردني كان أسيراً، والإسلام حرم تعذيب الأسير أو التمثيل بجثة القتيل، ما شاهدناه إنما هو فعل البربر، ومن سكن في أفئدتهم الشر المستطير، ما شاهدناه يعبر عن شيء واحد، أن المنفذين ليسوا على عهد مع الله، وإنما هم جنود مجندة لأجهزة استخبارات نورانية خفية عملت وتعمل من أجل، أولاً، تدمير القيم الإسلامية وتشويهها من خلال إبراز أشنع وسائل القتل، وثانياً، تهشيم البنى التحتية لبلدان ذات سيادة، وبالتالي فإن المطلوب الآن الوعي، أي وعي المواطن في كل مكان من بقاع الدنيا، أن هذه الحرب هي حرب ما بين الحق والباطل، حرب ما بين الخير والشر، حرب ما بين العلم والجهل، حرب ما بين العقل الصاحي والعقل المريض، حرب ما بين الحضارة الإنسانية وأعدائها، حرب تشن من أجل إعادة البشرية إلى عهود الغوغاء والفوضى، إذاً لا بد من الوعي ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن ما يتم تنفيذه هو مخطط جهنمي عدمي عبثي المراد منه تهميش الثوابت، ومن قرأ كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج»، وهو كتاب قديم قدم الفكرة العدمية، سوف يصل إلى المغزى المدفون في سجلات من يريدون تحطيم العالم، وتدمير الحضارة، والعودة بالبشرية إلى زمن المؤامرات، واقرأوا أيضاً كتاب «حكومة العالم الخفية»، وسوف يجد القارئ الأجراس، التي تقرع في الآذان لتصحو العقول. ما يحصل اليوم هو ضد الإسلام والمسيحية واليهودية أيضاً، وما يحصل هو بعث جديد للهمجية التي لا تعرف غير الأنياب الصفراء، والمخالب الحادة لا تعرف غير البطش بكل ما هو حي، أما اتخاذ الإسلام رداء فما هو إلا غشاء لتغطية المآرب وإخفاء المثالب، وتمرير النواكب على رؤوس الأشهاد.