أظهرت دراسة أجريت في أستراليا، أن بإمكان الإنسان أن يسعد نفسه، حينما يعرف، وليس حينما يريد، فهو يريد دائماً، لكنه يجهل الوسيلة، وبالتالي يضل الطريق، لذا تحض هذه الدراسة على أن يسعى الإنسان، ويفتش، ويعرف لكي يجد، لقد اكتشف الباحثون أن المليونيرات قسمان: قسم تبدو عليه السعادة، ولا يعرف، وقسم يبدو مكتئباً، ولا يعرف، فأمضوا كثير الوقت في التنقيب والبحث والمقارنة بين الأشياء المشتركة بين الفريقين، والأشياء المختلفة بينهما، فوجد الباحثون أن الأشياء المشتركة بين الفريقين تكاد تكون متطابقة، إذاً من أين أتت السعادة لفريق، وجانبت فريقاً، بحثوا في أصول العائلات، والجذور التي أتوا منها، فوجدوا اختلافات بسيطة لا تذكر، وغير مؤثرة في النتائج، درسوا الوضع الثقافي والتعليمي والتربية التي حظوا بها خلال طفولتهم، فلمسوا كثيراً من التقارب في التحصيل المعرفي والتربوي، راقبوا الوضع العائلي، وجود زوجة، وأولاد، وتآلف أسري، فلم يلحظوا فرقاً كبيراً بين الفريقين، لم يتطرقوا للنعيم المتوافر عند الفريقين، عن طريق الأموال والعقارات والسيارات والأعمال المزدهرة، لأن هذه هي الأمور التي جعلت منهم مليونيرات، بمعنى توافر السلطة المالية، فجربوا أن يعرفوا إن كان للسلطة المعنوية التي يتمتع بها جميع الأطراف، سواء سياسية أو اجتماعية، فكان نصيب كل فرد شبيهاً بنصيب الآخر، فقال الباحثون لنذهب إلى عناصر أخرى أعمق في النفس البشرية، وما يعتريها من أمراض، وعقد، وجنون، فوجدوا أن أفراد الفريقين أسوياء، وطبيعيون، وحتى بعيدين عن العنف وأمراضه، قالوا: لنجرب معرفة الميول الرياضية والفنية، والهوايات المختلفة، فقد تكون لها أثر في جلب السعادة للنفس، وبالتالي تصنع فرقاً، لكنهم اندهشوا حينما وجدوا أن كل فرد من أفراد الفريقين يتمتع، ويمارس أنواعاً من المهارات المختلفة، وأن عند الجميع ميولاً فنية، أقلها الاقتناء، والشغف المعرفي الفني، لقد طالت مدة الدراسة دونما أي نتائج تذكر، لأن من شأن هذه النتائج أن تغير في نفوس أناس مستعدين أن يدفعوا مقابلها الأموال من أجل لحظة سعادة، وطرد هاجس الكآبة، ذهبوا باتجاه معرفة ساعات العمل اليومي، وأثره في جعل النفس فرحة بما تنجز، فكانت النتائج مخيبة، إذا أن كل مليونير يعمل بمعدل 10 ساعات يومياً، وسّعوا البحث والتقصي، وفي نهاية الأمر، أدهشهم ما وجدوا، وما لم يكن متوقعاً، كان مصدر السعادة عند هؤلاء المليونيرات، والكآبة عند أولئك، أمر بسيط، وهين، ألا وهو فعل الخير، والإحسان، وإيتاء ذوي القُربى، تلك بوابة السعادة الكبيرة!