شاءت العناية الإلهية أن يمر مقيم عربي أمام حافلة مدرسية في عجمان، ويساهم في إنقاذ طفلة بريئة من الموت اختناقا بعد ما نسيتها المشرفة المعنية، والتي غادرت دون التأكد من نزول وخروج جميع من فيها من الصغار. واقعة جديدة كانت ستكون نهايتها مأساوية لولا لطف الله وعنايته التي ساقت ذلك الرجل لموقع الحافلة. ولتطرح أمامنا مجددا، تساؤلات عدة ومتكررة حول استمرار مسلسل الإهمال، وما يقود إليه من خسارة وفقد أرواح بريئة، ورحيل فلذات أكباد لا ذنب لهم سوى عدم التركيز وحسن الاهتمام والمتابعة لأمانة من أغلي الأمانات التي يودعها أغلبنا في مدارس، لا تقوم بدورها كما ينبغي أن يكون. معظم الوقائع المماثلة جرت في حافلات تتعاقد معها مباشرة المدارس الخاصة، وتفتقر تلك الحافلات وسائقيها لأبسط مقومات ومعايير السلامة العامة. وعلي الرغم من قيام إدارات المرور بين الفترة والأخرى بتنظيم حملات توعية ومحاضرات لسائقي الحافلات المدرسية لكل المراحل، وبالذات مدارس الحلقات الدنيا أو الابتدائية، تتجدد مثل هذه الحوادث المؤلمة. والسبب لا يحتاج لكثير عناء وبحث، فالغالبية العظمى من شركات الحافلات الصغيرة لا تولى جوانب السلامة والأمان أدنى أهتمام. والمدارس الخاصة تبحث دائما عن الأقل سعرا، والأرخص كلفة علي حساب أشياء كثيرة، في مقدمتها السلامة والأمان. ومع كل واقعة مؤلمة من وقائع وحوادث الحافلات المدرسية ترتفع الأصوات والمناشدات من كل جهة المدرسة والمنطقة التعليمية وإدارات الشرطة، وما أن تنقضي أصداء تلك المناشدات والدعوات حتى يعود الوضع لما هو عليه من إهمال وتجاهل لسلامة نقل أغلى ما نملك. الحد من مثل هذه الحوادث يتطلب إجراءات مشددة بحق المدارس وشركات النقل، وتغليظ العقوبات والغرامات للمخالفين الذين يعرضون أطفال أبرياء للخطر بهذه الصورة الصارخة من الإهمال واللامبالاة. وهنا نحيي الموقف الحازم لمجلس أبوظبي للتعليم مع مدرسة شهدت وفاة طفلة في حافلة بسبب الإهمال، لذلك من المهم أن توصل هذه الرسالة القوية والواضحة لكل مستهتر بسلامة فلذات أكبادنا، كما نتمنى من شرطة عجمان تكريم المقيم الذي ساهم في إنقاذ الطفلة بدلا من الاكتفاء بالإشارة إلي أسمه بالأحرف الأولى كأي مشتبه لديها في وقت يتطلب منا تشجيع مثل هذه النماذج المشرفة.