الدبلوماسية الهادئة البعيدة عن الصخب والضجيج الإعلامي، والعمل على التخفيف من أزمات المنطقة وتداعياتها، والحرص على حل القضايا على مبدأ الحوار والحكمة، وتغليب مصلحة الشعوب هي سمة دبلوماسية الإمارات التي بات يعرفها العالم، وهي الدبلوماسية التي آتت ثمارها، ووضعت الإمارات في المكانة التي يعرفها بها العالم. تشهد العاصمة الأميركية اليوم القمة المرتقبة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس الأميركي باراك أوباما، وتأتي هذه القمة التاريخية في توقيت حساس ووسط ظروف وتداعيات وأحداث إقليمية ودولية دقيقة، وعلى رأسها التطورات في اليمن وعاصفة الحزم لاستعادة الشرعية هناك، وهو الملف الذي وضع إيران الداعمة للمتمردين الحوثيين على خط المواجهة مع العرب.. ووضع حداً لطموحاتها في المنطقة. وتحمل هذه القمة الثنائية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد والرئيس أوباما أكثر من دلالة وإشارة لا تغيب عن متابعي ومراقبي الأحداث في منطقتنا، وأهم هذه الدلالات أنها تسبق اللقاء المقرر بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والرئيس أوباما في واشنطن ومنتجع كامب ديفيد في منتصف مايو المقبل.. ومن المتوقع أن تكون الملفات المتعلقة باليمن والاتفاق النووي الغربي الإيراني والأوضاع في سوريا والعراق ومصر وليبيا حاضرة في لقاء القمة اليوم .. وبلا شك أن الرئيس الأميركي حريص على الاستماع إلى وجهة نظر وموقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في هذه الملفات، وذلك من منطلق علم الجميع ودرايتهم بحضور سموه القوي والمؤثر في هذه الملفات.. فالقاصي والداني على دراية بتحركات ونشاط وجهود الشيخ محمد بن زايد وجولاته الإقليمية والدولية، سعياً إلى إطفاء الحرائق المشتعلة في كل الأنحاء، وهي تحركات نابعة من رؤية ثاقبة، وحكمة بالغة، وإدراك تام للتحديات والمخاطر، ومن حرص كبير على مصلحة المنطقة وشعوبها. تنظر دول المنطقة إلى هذه القمة على أنها لقاء وضع النقاط على الحروف وتوضيح المواقف وتحديدها.. وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد العالم بخفايا أمور المنطقة، والذي يمتلك العلاقات المتميزة مع جميع قادة الدول، يستطيع أن ينقل واقع الحال وهموم شعوب المنطقة إلى العالم بأفضل صورة.. دول الخليج اليوم بأمسّ الحاجة إلى أن تبين لحلفائها وأصدقائها حقيقة ما يحدث في المنطقة وحولها.. ومن منطلق المصلحة العربية الكبرى، فإن الولايات المتحدة، التي «تعتبر» حليفاً لدول المنطقة، يجب أن تكون على اطلاع على ما يحدث، وبالتالي تتخذ المواقف الصحيحة التي لا تتعارض مع مصالح دول المنطقة. لقد مرت المنطقة العربية خلال السنوات الماضية بتحديات كبيرة، وواجهت أخطاراً مختلفة، كان أشدها الإرهاب، وكذلك التدخل الإيراني في المنطقة، ومحاولات التوسع والهيمنة الإيرانية على عواصم عربية، فضلاً عن بناء مفاعلها النووي، الذي لا يزال يشكل تهديداً وقلقاً حقيقياً لدول المنطقة على الرغم من توصل إيران والدول الغربية إلى اتفاق ما حول هذا الملف، الذي لم يستطع الغرب إلى اليوم أن يطمئن دول المنطقة من تأثيرات هذا البرنامج النووي. الرئيس أوباما قبل غيره يدرك تماماً أن مفاتيح كثيرة لقضايا المنطقة في يد الشيخ محمد بن زايد، وأن سموه لا يكف في كل مناسبة عن التحذير من المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة والعالم، وأن سموه أخذ على عاتقه أن تكون الإمارات في طليعة المتصدين لتلك المخاطر وعلى رأسها الإرهاب .. والعالم أصبح يعرف أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يرفض المواقف الرمادية والقرارات المؤجلة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب والتطرف، كما أن سموه يؤمن بأن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون شاملة، وليست مقتصرة على المواجهة الأمنية والعسكرية.. كما يعرف أن سموه وقادة دول المنطقة لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه التحديات والأخطار التي تواجه المنطقة.