قال البعض عنها إن الزمن تجاوزها، وقال العقل إن العالمية أصبحت هي الحلم الذي لا يدانيه حلم آخر.. ورد المنطق مدعياً أن الآسيوية هي الطموح المشروع، والأمل المنظور.. ولكن القلب كان حاسماً، فقد أعطى للجميع درساً في البلاغة والوفاء والنبل، عندما كشف لهم عن صورة كأس الخليج المحفورة على شرايينه وأوردته، وقال لهم: «من نبض هذا القلب والكأس، تدفقت دماء الحياة في شرايين الكرة الخليجية، ومن رحم تلك البطولة خرج النجوم والأبطال للساحات العالمية، وأنشئت الملاعب والمدن الرياضية، ولأجل هذا الحدث الأبرز في المنطقة، تأسست اللجان الإدارية، والتحكيمية، واستدعيت الخبرات التدريبية العالمية، فارتفع إيقاع التنافسية، حتى تحققت لنا النقلة الاحترافية». وبعيداً عن حوار العقل والمنطق وبراهين القلب أقول، إن كأس الخليج كانت ولا تزال هي الشمس التي تبعث أشعتها الذهبية، لتضيء صفحات جرائدنا، وتطور أفكار برامجنا، وتقيم للإعلام في محراب الحياة قبلة متجددة، فانطلقت كل وسائله تشق طريق الإبداع، فما تفعله الكأس بنا لم تعد كرة قدم تتناقلها الأقدام فقد باتت تتناقلها العقول، وحالة حب تدور بين الجوانح، وننتظرها كل عامين لتأتينا بمحبوب «قديمة - جديدة» كي ندور في فلكها من جديد. ومن أجل هذا، فنحن ندين بالفضل لتلك البطولة، ومن أجلها فكرنا في رد الجميل، فكرنا أن نقدم الجديد لقرائنا الأعزاء، أن نحتفل بطريقتنا الخاصة، وأن نعبر عن سعادتنا في الرياض بالمناسبة التي تظللنا بأغصانها الوارفة، أن نحتفي بالكأس التي تجمعنا على مائدة واحدة، التي تدفعنا للتنافس الشريف في كل شيء، في المستطيل الأخضر، وفي استوديوهات التحليل، وعلى صفحات الجرائد، ونحسبها مظلة تدعونا إلى التعارف والتآلف، والتكاتف، وإلى اقتباس التجارب الناجحة، إلى ترسيخ هويتنا الوطنية على ضفاف الخليج العربي. كثيرون من كتبوا ورصدوا عن تاريخ البطولة، ونظراً للعلاقة الوطيدة التي تجمعنا مع قارئنا، قررنا أن نقدم هدية مختلفة لقارئ مختلف، فكانت فكرة إنشاء هذا الكتاب بالرسم الكاريكاتيري، فالهدف ليس كم المعلومات فحسب، لكنه جودة، ومصداقية، ورشاقة، وجاذبية، وتكامل تلك المعلومات في منتج واحد، يحكي لنا القصة من أول سطر فيها، منذ كانت فكرة، وحتى أصبحت كياناً صلباً قادراً على تحدي كل العواصف. ففي ربوع «كتاب خليجي الأحلام»، نتعرض للتاريخ، ونتجول في دروب الجغرافيا، ونهتم بالأشخاص والأبطال والنجوم، ولا نهمل روح الفريق، نتحدث عن اللاعبين، ونقلب في أوراق المدربين، ونحكي القصص، ونتسلل إلى خواطر جماهير المدرجات، لنقرأ ماذا يريدون. ونحن على ثقة بأن هذا الكتاب قادر على البقاء معكم، لأنه يحكي قصة البطولة منذ نشأتها، ويروي حكايات أبطالها عبر العصور، ويتوقف بالدرس والفحص عند المحطات الرئيسية، ويعطي من يقتنيه وجبة دسمة حتى الإشباع عن كأس الخليج. في هذا الكتاب استعنا برسام عالمي هو الإيطالي اكسيل كي يوثق لنا اللحظات التاريخية في كأس الخليج، منذ انطلاقتها وحتى النسخة الأخيرة، ويقدمها لجمهورنا العريض بشكل مختلف يبقى في الذاكرة، ويترك بصمة قوية لا تفارق الخيال، ونحسب أن هذه الخطوة سوف تحظى بإعجابكم لأنها تتم للمرة الأولى في المنطقة، وللمرة الأولى في تاريخ البطولة، ولا يسعنا في النهاية إلا أن نقول شكراً لكم، فأنتم هدفنا، ورضاكم غايتنا، وسنبقى لكم أوفياء. اليوم يسدل الستار عن «خليجي 22» في الرياض، وعلى الرغم من كل الجدل الذي يرافق البطولة في كل عام، ستبقى الكأس باقية في قلوبنا، وستظل صامدة في وجه كل من يحاول التقليل منها، لأن الجدل نفسه لا يرافق أبداً الفاشلين. كلمة أخيرة اجتماع السواعد يبني الوطن .. واجتماع القلوب يخفف المحن