من المعتاد والمتعارف عليه أن نجد الأفكار والسلوكيات والتوجهات تختلف وتتباين وقد تتصادم بين الناس المنتمين لأجيال مختلفة، حتى فيما يخص الأذواق والخيارات الشكلية والحياتية كاختيار أنواع الأطعمة مثلاً وتفضيل ألوان الثياب وموديلات السيارات. ففي حين يفضل الأحفاد ارتداء آخر صرعات الموضة في ألوان وقصات الثياب، يميل الآباء إلى الألوان الهادئة نوعاً ما وغير الجريئة، بينما يصر الأجداد على أن ثياب الشباب معيبة وفاضحة ولا تمت بصلة للعادات والتقاليد، مصرين على ما تعودوا عليه منذ عقود من الزمن، الأمر لا يخص الثياب، فالخلاف يصل إلى كل التفاصيل، ويتسلل إلى مختلف الممارسات، وصولاً إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الشباب بآلية وهدف مختلف تماماً عن استخدام أمهاتهم وآبائهم، في حين أن معظم الأجداد لا علاقة لهم بالأمر! هذا الاختلاف يكون مقبولاً ومفهوماً إذا بقي في نطاق الاختلاف، ولكن حين يقفز للخلاف والصدام فإنه يشكل علامة استفهام، علامة الاستفهام سببها أن كثيراً من صغار الشباب يلغي أهله تماماً من الصورة، معتبراً أن تصرفاتهم لا يجوز أن تعبر عن نفسها بشكل علني وظاهر. أحد الشباب قال لصديقه لقد قمت بحظر والدتي وعمتي على الفيسبوك وتويتر، لأنهما يثيران سخرية أصدقائي وصديقاتي بنوعية التدوينات والتغريدات التي تضعناها على حسابهما، إنهما تحولان الصفحة إلى فصل مدرسي أو حزب سياسي وطوال النهار تتجادلان مع متابعيهما فيما يحصل في سوريا واليمن، أنا وأصحابي لا علاقة لنا بهذا الذي تتحدث عنه أمي وعمتي! ولذلك فهما لا تشكلان مصدر اهتمام لنا أبداً! في الحقيقة، سألت بعض الصغار في العائلة عما يهتم به المراهقون عادة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فأجابوا بالمجمل: العلاقات مع الجنس الآخر والصداقات وآخر المستجدات في عالم الإلكترونيات والكاميرات والأحذية وأخبار النجوم وأفلام الأكشن وصور الفتيات (بالنسبة للشباب) وموديلات السيارات الجديدة وقصات وألوان الشعر وموديلات العبايا (للفتيات)، وأحدث أخبار المدينة فيما يخص المقاهي والمطاعم ومحال الملابس، ولا داعي لسؤال الآباء والأمهات عن اهتماماتهم، فهي معروفة لنا جميعاً. لكن هل التأرجح بين الأجيال أو اختلاف الاهتمامات يبيح للشباب مقاطعة أهلهم؟ هل يعتبر ذلك صحياً؟ طبيعياً؟ أم أنها سيرورة الحياة كما تحدث عبر مئات السنين وستحدث فيما يلي عبر آلاف السنين أيضاً!