أيها الحيران، كيف ظننت بخطوتين تطوي الأرض تحتك وتلامس منتهاها، وكيف بكلمتين ستفوز بقلوب الملايين. وكيف، وأنت بلا جناحين، سترتقي مترفعا على الصغائر التي علقت بك حتى اختفت ملامحك الأولى. الحياةُ دورانٌ مر، انقلابٌ في المعاني رغم تكرارها، ومع ذلك يظل عقلك يرى الحقيقة ولكنه يصدق غيرها. ويظل قلبك يخفق للمرأة التي تحبّها، لكنها تذهب لغيرك. ويصير لزاما عليك أن تقبل بالنقيض، أن تتجرّع الصبر وأنت تُدرك أن الفجر بعيد، وأن الشمس لا تشرق إلا في نهاية العمر، بعد أن تكون الدموع قد سالت ثم جفّت منابعها وصارت رؤاك ضبابا وأحلامك ذكرى. وما الحيرةُ، الا أن تنظر الى رجليك وهما متحفزتان للمضي قدما، ولكنك لا تعرف أين الطريق. أيها الجالس على كرسي الندم، تعضك الحسرة وأنت تعدّ سيرة زلاتك، ولا ترى في ماضيك سوى سلسلة من الأخطاء. ها هو المستقبلُ طفلٌ لا يزال يركض باتجاه البهاء، قم واتبعه، وكن ظله إن شئت. لا تُفتح الابواب إلا للطارقين، ولا تتهدم الأسوار الا حين تظل تدفعها بقناعة أنك ولدت لتنتصر على وهن ذاك. خذ درسا من الريح حين تمشي في سكونٍ ولا تحجب مرورها الجبال. وخذ درسا من الشجرة تظل تنتمي لمكانها الأول في الأرض، لا تتزحزح لكنها ترسل طيورها في الأعالي، وترمي بأوراقها لتعبر الأنهار وتصل حتى نهايات الخيال. أيها الطاعن في اليأس، حان وقت قيامك لتهزم الكآبة، ولترمي الافكار المريضة في النار. خذ ورقة واكتب عليها كلمة (لا) لترفعها شعارا في مراياك الكثيرة، وسوف ترى أن وجهك يمكن أن يبتسم، وروحك يمكن أن تطير اذا فتحت لها قفص الخوف واطلقتها. خطوة واحدة تفصل بينك وبين الخلاص، قم واعبر من الفكرة الميتة وادخل في الحياة. اتبع المرأة التي تُحب، ففي يدها مفتاح قلبك. واقطف الوردة التي تحب، ولا يثنيك وخز شوكتها. واذا اكتمل المساءُ عبوسا في بعض لياليه، فعندك من نجومه ما يروي اشتياقك للضوء. وإذا انتظرت قطار الاحلام ولم يأتِ، اذهب الى البحر وارشف من زرقته حلما جديدا وارحل إن أردت مع الراحلين. أيها الموهوم بأنك وصلت، ها هي البداية تطرأ من جديد كلما غادرتها، وها هو المدى يتسع بلا نهاية، فأين ستضع النقطة، وما من سطرٍ أخير.