- عجيب أمر كوريا الشمالية، كيف تم التحايل على أسوارها المسيجة من الفولاذ والحديد والخرسانات الإسمنتية، كيف أن الأشياء الصغيرة، قادرة أن تهزم القبضة الحديدية التي تمارسها ضد مواطنيها، المعزولين، والمفصولين عن العالم وتقنياته، حتى أن مجالدة المواطنين الكوريين للحياة، مجالدة «الأقنان» و«عمال السخرة»، مجالدة، ولكن ليست لهم ولعائلاتهم، إنما لرفاهية الزعيم، والمنصب عليهم كآلهة، فهم يعملون في الخارج كمجموعات جنود أو عبيد عليها أن تواصل العمل، وفي الظروف كافة، لكي ينعم الزعيم بأموالهم المحولة، ويعيش في بحبوبة، ورغيد، ويستمتع بالرسومات المتحركة التي تنتجها هوليوود، وتصله مهربة، وبعيدة عن عيون الشعب، التي بكت موت الزعيم الأب بأوامر من الحزب، وهناك مذيعة اعتقلت لأن دموعها لم تكن كافية، وغير منهمرة بغزارة تليق بخبر وفاة الزعيم المؤسس، كبير الآلهة، في مثل تلك الأجواء الكورية الشمالية تمكن المعارض الكوري «لي مين بوك» أن «يُطَيّر» فيلم «المقابلة» الذي أنتجته شركة «سوني»، ووجد ممانعة، وتهديداً لعرضه، وأعمال قرصنة، وإنذارات بحرق دور العرض، لأنه يتحدث عن الزعيم كإنسان، وليس كآلهة، ويريد الشعب الكوري الشمالي أن يفيق، وينتبه من التلقين السياسي، والخوف العسسي، ويتحايل بتوصيله، وتوصيل منشورات، ودولارات عن طريق بالونات هوائية تخطت الحدود، لكن من يجسر أن يلمس الألغام الثلاثة: المنشورات والدولارات، والشريط المهرب؟ ثم بالأساس ليس هناك أجهزة عرض في منازل الكوريين، لأنها من الترف! - عجيب أمر اليونان، عجزت ماليتها، وأرباب الاقتصاد فيها، والمعونات الأوروبية التي تلقتها عن إخراجها من تأزمها الاقتصادي، وانهيارها المالي، فوجدت حيلة اتبعها اليهود مع ألمانيا، ونجحت حد أنها أصبحت اليوم نوعاً من الابتزاز يرفضه كثير من الألمان، وهي تعويضات عن التاريخ المعطوب، أو الاعتذار عن إساءات التاريخ الذي لم يعشه الأحفاد، أو دفع ضريبة ما صنع الأجداد من «الرايخ الثالث»، فقالت على رأي مواطنها أرخميدس: «وجدتها»، فطالبت ألمانيا بتعويضات عن الحقبة النازية تقدر بـ«305» مليارات دولار، أعتقد أنها كافية لكي «تقبّ» اليونان على وجه الدنيا، وتعوم على سيولة مفقودة، فعلاً المثل «حينما تفلس، راجع دفاترك القديمة»! - عجيب أمر باكستان حيال دول منطقة الخليج، وهي الواقفة دوماً مع باكستان بكل مصائبها التي لا تنتهي، وفسادها المستشري السياسي والاقتصادي، سمعنا منها بالفزعة، ولم نرَ إلا الظل وصدى الصوت، وتناقضات السياسيين المتهالكين، بغية أن ينالهم نصيب مما كسبتم، «عنبوه لو كل هذا الخير سويناه في بقرة جيرانهم، كان أثمر»!