من الخطوة، إلى الطيران في الفضاء الشاسع، يحضر الأثر، ويتحقق بين الفعل المادي كأثر الخطوة المتشكل على الرمل، والأثر المعنوي المتشكل في السلوك والتفكير والكلام؛ أي أنه ذلك التغيير الذي يحدث في الشكل، وفي النفس، في الروح وفي التفكير. ويمكن تمييز الأفعال التي لا تعيد الأشياء كما كانت عليه قبل حدوث الأثر، بالأفعال الإيجابية والأفعال السلبية، حيث يمكن للأفعال السلبية أن تشرخ جدار القلب وتدعه ينزف حزنا وإلى الأبد، حزنا ربما لا تتمكن كل المحاولات لتسويته؛ كما يمكن لتلك الأفعال أن تخلف الكراهية في النفوس إلى الحد الذي لا يمكن فيه للوجوه أن تلتقي، ويمكن أن تستشري تلك الكراهية وتمعن الغور في الشرخ حتى الهدم الذي يجلب كل الخراب والفوضى، والدم المسفوح والثأر له قبل أن يبرد، ليتكرس المشهد المريع في تاريخ البشرية، بهذا الخراب المتوالي والمنتقل عبر الأجيال والمتمدد في الصورة الفظيعة التي نراها اليوم على مساحات عديدة من خريطة العالم. فيما يمكن للأفعال الإيجابية، أن تخلف أثراً يصير جناحين يطير بهما القلب فرحاً ويحلق في بهاء الأيام سعيداً، لا يحده عن المحبة شيء، ولا يتقلص فيه الشعور الفاتن بالحياة، ويتمدد كالهواء، ويسري كالماء ليحيي الأغصان الذابلة، يمكن للأفعال الإيجابية أن توقف الحزن في القلوب، أن تنجي البراءة المهددة بالخطر والانحسار في كل يوم، أن يكون الأثر سعادة تملأ قلب الجياع، وابتسامة مشرقة على وجوه الصغار في مناطق الفقر والنزاع والموت المجاني. لذا نحن بحاجة إلى المزيد من الأفعال التي تحدث ذلك الأثر الجميل، الأثر الذي يحيي ولا يميت؛ فعل يخلف الحب، فعل يستطيع أن يفرز جيداً بين القضايا الصغيرة والقضايا المصيرية؛ فعل يعرف أن يخلق أثراً، يولد الجمال وليس القبح، يولد المحبة وليس الكراهية. ومن هنا علينا دائماً أن نتعلم كيف نمسح على الكراهية، ونحيلها دخانا يتكسر في الفضاء ولا يعود، أن نجتمع ونفترق على الحب.. أن نتعلم كيف نحدث هذا الأثر الساحر في حياتنا عبر الجمال بكل أشكاله، كيف نكرس أسلوب حياة يزهر دائماً وروداً عطرة؛ كيف لنا أن نتخلى عن الرصاصة القاتلة؟