لاشك أن مهرجانات التراث التي تقام سنوياً، هي من أجمل المهرجانات التي يعشقها الجميع ويحب حضورها، على الرغم من تشابه المعروضات، أو تكرار الفنون الشعبية المصاحبة. إن أجيالاً تأتي وتكبر، وهي بحاجة أن تطلع على تراثها وثقافتها القديمة، كما أن المهرجانات التراثية تعزز حب الأرض والوطن وحياة الآباء والأجداد في بيئة صحراوية قليلة المصادر، ولكن أجزاء أخرى من هذا الوطن لديها الخير الكثير، والذي يعوض عن معاناة الصحراء، حيث الشواطئ والسواحل، وما توفره من أعمال الصيد والغوص والتجارة مع الدول المحيطة. كما أن البيئة الجبلية توفر أعمالاً أخرى، خاصة بالزراعة والإنتاج الزراعي وعلى الخصوص ما توفره أشجار النخيل من تمور ومواد مهمة تدخل في صناعة الأدوات المنزلية والمساكن، كذلك فإن السهول والجبال والصحارى توفر حصيلة مهمة من حاجات الناس، وأهمها الثروة الحيوانية من إبل وأغنام وماعز، ومنتوجات أخرى. كان المنتوج التراثي والثقافي يعتمد على تلك المصادر القديمة، ويعرضها كوسيلة مؤثرة في حياة أبناء هذا الوطن عبر رحلة طويلة وتاريخية تمتد من الصحراء إلى البحر، فالإنسان العربي على هذه الأرض لديه إرث كبير وعظيم امتد منذ فجر التاريخ وحتى حاضره، والمتأمل لفكرة وأدوات التراث في الإمارات لا يختلف كثيراً عما يشابهه في تراث الجزيرة العربية، خاصة حياة الصحراء، والعمل الذي يقوم به الصحراوي، عبر الأدوات ونمط العمل والمنتوج التراثي والثقافي. مثلاً حياة البدوي من الإمارات إلى الأردن أو ليبيا أو موريتانيا، تعتمد أنماط عيش متشابهة فرضتها طبيعة الصحراء هنا أو هناك، كذلك، فإن حياة البحارة تتشابه في كل مكان. إن هذه المهرجانات التراثية مهمة جداً لنا ولأجيالنا الحالية والقادمة، بل مهمة لكل إنسان عربي لكي يقارن بين ما كان في الماضي وما تم تحديثه وتجديده، ولابد أن تعرف الأجيال تراثها وتاريخها وثقافة أهلها، حتى تدرك أن حياة الكفاح والإخلاص والعمل والبناء هو الطريق الحكيم والسليم لكل وطن ينشد التطور والرقي والتقدم. والجميل أن كثيرين من الشباب يعشقون حياة الإمارات القديمة ويتمسكون بها، بل إن البعض ينقل أجزاء من صورة الماضي إلى حياته الجديدة، فيصطفي ركناً في بيته يعرض فيه أدوات تراثية، أو ينصب خيمة وسط فيلا حديثة.. إن حب التراث من حب الوطن.