منذ أن نشرت زاوية الأمس، والتي حملت عنوان «خلك شجاع»، والتي تتحدث عن حدود العلاقة بين الإعلام والمصدر، والاتصالات والتساؤلات لم تتوقف.. من كل من يقابلني دون استثناء تقريباً، والسؤال المكرر والمعتاد: من تقصد؟، وكأننا لسنا جميعاً كذلك، وكأن ما كتبته كان غامضاً أو مبهماً أو يحتاج إلى تفسير.. يبدو أننا جميعاً نرفض أن نصدق أننا نخطئ، وحتى حين نعدد عيوبنا، ترانا نغدق على أنفسنا، فعيوبنا أننا طيبون جداً ونصدق بسرعة وننفق ببذخ.. تلك هي عيوبنا.. الكثير من الصفات الجميلة.. لا أحد منا يصدق أنه يغضب دون داعٍ ويلصق التهم بمن لا يجب أن يلصقها به.. وأننا جميعاً نريد ما يرضينا.. فقط ما يرضينا. ما كتبته هنا بالأمس كان واضحاً، وهو أعم من أن أختزله في حالة معينة.. هي ثمرة تجربة تمتد في دنيا الإعلام الرياضي لقرابة 15 عاماً وفي الحياة بامتداد عمري، وبالتالي أنا لا أستثني أحداً من هذا العيب، وهو أننا نغضب من الوسيلة.. نغضب من المرآة حين تظهر عيباً فينا، ونفرح بها إن أظهرتنا كما نحب، وربما إن فعلت ذلك لا نحب النظر في مرآة سواها، وتلك آفة خطيرة. زاوية الأمس، بالطبع كان لها باعث في نفسي، لكنها كالوميض.. يظهر ويختفي.. يظهر حينما ندخل في مشكلة من هذا النوع مع مصدر من المصادر، ويحتفي حين تمضي الأمور عادية دون مد أو جزر، وفي الحالة الأخيرة، تفقد «المرآة» الكثير من جمالها الذاتي.. لا يرضى عنها أهلها الحقيقيون.. القراء.. ولذا أعتقد أنه على الإعلام أن يتجه فقط لإرضاء هؤلاء، لأنهم الأصل ومن أجلهم، كانت تلك المرآة التي نسميها الإعلام. أذكر أنه ذات مرة سأل زميل لنا مدافعاً بأحد الأندية عن أسباب خسارة ناديه برباعية، فثار كل من في النادي وطالبوا بإبعاد الزميل، ومرة كتبنا عن تعاقد نادٍ مع مدرب، وكانت لدينا صور التوقيع، فغضب منا هذا النادي وكذّب الخبر، ونشرنا تصريحاً لمسؤول ينتقد مسؤولاً آخر، فلم يعد هذا الآخر يرد علينا، وحين تصالح الاثنان، لم يعد أي منهما يرد علينا، فربما أقنع أحدهما الآخر أننا كنا سبب الخصام. بالأمس، وحين طالبت الجميع بالشجاعة، عنيت تلك الشجاعة السابقة واللاحقة.. حين تتكلم وحين تكتب.. قل ما تريده فعلاً ، وفكر قبل أن تقول، وحين تقرأ لا تفترض العداء.. ومثلما تسعد بالمديح ابتعد عن التجريح.. ستمضي الكلمات، ولن يغير النقد «الصفات». كلمة أخيرة: صدّق أنك بك أخطاء.. أنت بشر.. اعذر الناس ليعذروك