ظلت الحرب على الدوام عارضا مؤقتا في تاريخ البشرية، حتى وإن بدا هذا العارض ثابتا وطويلا في أحيان كثيرة، لكنه في نهاية المطاف لابد أن ينتهي الى النتيجة التي لأجلها كانت الحرب أو الى خلق واقع مغاير لما كان قبل الحرب، فإذا لم تؤد الحرب إلى أحد هذين الأمرين فإنها تكون عبثا لا اكثر، وليس هناك - سوى المجانين - من يتخذ الحرب وسيلة للعبث وإرضاء نزعات الغرور الشخصية، اضافة لكل ذلك فالحرب كالكي آخر العلاج وآخر الحلول التي تلجأ اليها الدول والجماعات بسبب ما تخلقه وما تتسبب فيه من دمار وبشاعات لا يمكن إلا لمن عانى ويلاتها ان يعرفها ويتصورها. في المنطقة العربية اليوم هناك حروب في كل مكان، ولو بسطنا الخريطة أمامنا فإننا لن نجد مكانا لا تفوح منه رائحة القتلى والدخان وأصوات الانفجارات والرصاص، الكل يحارب الكل، والكل يقتل الكل، والكل يعادي الكل، العداوات تملأ المنطقة، النعرات، الادعاءات، والقضايا المعلقة على مشجب التاريخ منذ قرون وعلى قرن الشيطان الاستعماري منذ عقود، وليس هناك من محاولة تذكر لتفكيك كل تلك التشابكات العويصة والمعقدة، لقد كان طبيعيا ان ينفجر جلد المنطقة بسبب كل تلك الأمراض التي تتفاعل تحته. هذه المنطقة ستلد واقعا آخر بعد سنوات من الآن، ربما لا يشهده كثيرون منا، لكنه الواقع الذي ستفرزه هذه الكتلة المعقدة والمتشابكة من الحروب والأزمات والمشاكل والجماعات المتطرفة والأفكار العدمية، سيجد الناس طريقة ما ليواصلوا حياتهم من جديد، ليبنوا مدنهم ويربوا أبناءهم ويقيموا افراحهم ويبنوا حضارات ومدنيات اخرى، لأن الحرب مهما طال أمدها لن تنجح في ان تكون واقعا أبديا. أن نكون مع الحرب لا يعني ان نكون مع القتل والتدمير، ولا يعني أننا لا نحس بغيرنا ولا نعرف مآلات هذه الحرب وانعكاساتها على الأبرياء والمدنيين، صحيح ان الحرب في المحصلة النهائية تقود لبشاعات كثيرة وطويلة الأمد لاحقا اكثر من مجرد ارقام قتلى وجرحى، إلا ان الحرب تكون وسيلتك الوحيدة أحيانا للدفاع عن نفسك وحقك وأرضك ودينك وانسانيتك ومستقبلك، وهذه تستحق ان تخوض حربا لأجلها من اجل ان تجلب ما ينفعك وتدفع ما يشكل تهديدا عليك. الحرب.. ليست سوى عارض